بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مايو 2013

بحث مفصل عن تاريخ البدو في دولة الكويت- البدو بين الانتماء القبلي والمشاركة الفعلية في المجتمع المدني

بحث بعنوان:
البدو
بين الانتماء القبلي والمشاركة الفعلية في بناء المجتمع المدني

نظرة على الوضع السياسي والاقتصادي- الاجتماعي لهم ضمن إطار قيام الدولة منذ النشأة وحتى ظهور النفط

يشكلون بتكوينهم نمط حياة خاص،كانوا أقليةً وما لبثوا أن كونوا بقوتهم غالبية من مجتمعنا، تربطنا بهم الأرض ذاتها والسلطة نفسها تحكمنا. نراهم  يعيشون على نفس البقعة الجغرافية  التي نحن عليها ولنا معهم اللغة والدين وربما التاريخ ذاته؛ ولكنهم  يتشكلون ليظهروا بالنهاية على أنهم مجموعة وعصبة ذات تنظيم معين له نسق سياسي اجتماعي خاص به . اعتمد على صلة القرابة ومصدرها رابطة الدم ،فشكل دائرة محكمة الإغلاق تدور حول محور القبيلة التي لا يمكن اختراقها . إنهم " البدو ". ذلك التنظيم الاجتماعي الصعب  ذو القالب المصمم إجتماعياً حتى يشبه نفسه .
داخل حيز الدولة ومنذ البواكير الأولى لنشأتها التي هي بالأساس اعتمدت على هذا القالب الاجتماعي نجدهم ، إذ إن شكل تنظيمهم الإجتماعي" القبيلة/ العشيرة"  مرتبط بنشأة الكيان الكويتي بشكل واضح ، ولكن الملاحظة هي : لماذا يظهر أبناء هذه الفئة داخل المجتمع الكويتي بشكل متباين عن بقية مكونات المجتمع الأخرى؟ ما نوعية العلاقة التي ربطت بين أبناء  مجتمع المدينة والبدو الذين تواجدوا في وقت مبكر من نشاة الكويت؟ هل شكل البدو في تمحورهم حول القبيلة كياناً خاصاً بهم؟ لماذا اختارت مجموعة كبيرة منهم البقاء على أرض الكوت/القرين ولم يختاروا الرحيل رغم طبيعتهم البشرية التي اعتمدت على الترحال؟ هل شكلوا نوعاً من الانسجام مع أهل المدينة؟
  الإجابة على هذا التساؤل تحتمل فرضيتين؛ الأولى والأكثر أهمية هي شدة الرابطة التي اعتمدت عليها القبيلة والتي تحكمها مجموعة من الموروثات الإجتماعية التي تناقلتها أجيال القبيلة جيلاً بعد جيل والتي تعطي الولاء القبلي والعصبية الأولوية المطلقة في كل جوانب الحياة المرتبطة بالفرد البدوي المنتمي لهذه القبيلة؛ كان أكبر من أن يؤدي إلى اندماج كلي وانصهار في مواد المجتمع. كذلك فإن الرسوخ الكبير عند البدوي لمفهوم القبيلة في حياته والذي مرده إلى كون هذه القبيلة تمثل مصدر الأمان له كفرد داخل المجتمع الأكبر والرابطة الوشيجة التي تربط بين أفراده تعطيهم قوة وصلابة تتناسب طردياً مع قربهم من مركز القبيلة والتي جعلت من البدو أكثر ولاءً لتلك القبيلة كونها توفر لهم هذا النوع من الأمان.
و الفرضية الثانية التي قد تجيب عن هذا التساؤل هي كون المجتمع المحلي المجرد من الانتماءات القبلية و نقصد بهم "الحضر" – والذي هو بطبيعة الحال عبارة عن خليط من الأجناس البشرية – قد تشكلت له ردة فعل ضد "البدو" بحكم ارتباط هؤلاء برابطة لها الأفضلية على الارتباط بالوطن و القائمة على القبيلة، لذلك فإن الحضر قد بدأوا يساعدون في ترسيخ هذا المبدأ القبلي عند البدو بشكل جعل من قوة التنظيم وتطوره في زيادة مضطردة.
لا يخلو تاريخ الكويت من ذكر البدو في مجموعة كبيرة من أحداثه التي شكلت منه كياناً له تاريخ خاص به، نجد ذكرهم بداية كأول مجموعة سكنت الكويت حيث  سكن الكويت قبل قدوم آل صباح لفيف من البدو وصيادي السمك وهذا ما قالته مصادرنا المحلية - القناعي والشملان. ثم نجد خيوط البكرة التي شكلت كرة الصوف ونقصد بذلك جوانب الحياة المختلفة التي قامت عليها الكويت كالتجارة والسياسة واستقرار الأمن للبدو دور يمكن ملاحظته فيها، ونحن من خلال هذه الدراسة سوف نقوم بتتبع خيوط تلك البكرة التي نسجت مجتمعنا لنصل بالنهاية لوضع تصور عن دور البدو في مجتمعهم الأكبر وهو الكويت . 
يتناول هذا البحث دراسة عنصر البدو المرتبط بالقبيلة ودور هذا العنصر والأهمية التاريخية التي لعبها في بناء مجتمع الكويت منذ البدايات الأولى لنشأته. حيث تتطرق الدراسة إلى بعض المجالات المرتبطة ببناء أي مجتمع من المجتمعات ونقصد بذلك الجانب السياسي والاقتصادي ومن ثم الدور الذي قام به أبناء القبيلة في مجتمعهم الأم. سنحاول تتبع الخيوط الأولى للوجود القبلي داخل الكيان الوليد وما أبرز المهام التي مارسها البدو فيه وهل هذا الدور رئيسي وفعال في بناء هذا المجتمع أم أنه جاء كنتيجة لوجود البدو فقط في الكويت دون أخذ دور له تلك الأهمية على صعيد البناء الأساسي للمجتمع.
و الفرضية التي يعرضها البحث للإجابة حول بعض من التساؤلات تكمن في أنه في حين لا يختلف اثنان على أن القبيلة تعد أحد أبرز العناصر المكونة للمجتمع الكويتي وربما تكون بحق هي اللبنة الأولى التي رافقت بناء ذلك المجتمع البدائي البسيط؛ لاسيما ونحن نعلم أن نظام الحكم القائم على آل الصباح كان أساسه نظاماً قائماً على العرف القبلي أو العشائري وهذا ما أشار له معظم المؤرخون،و لكن النقطة المحورية التي نود التعمق فيها وإعادة كشفها هي لماذا نشير لهذا العنصر دائماً كونه عنصر له سمات معينة تفصله بشكل أو بآخر عن المجتمع الكويتي الأصلي؟ لماذا نجد تصنيفاً لهذه الفئة من قبل المجتمع نفسه؟ ماهو الدور البارز والرئيسي للقبائل داخل مجتمعها المتحضر؟ متى بدأت هذه الشريحة بالظهور أو البروز بشكل أكبر داخل المجتمع؟ ما أهمية الممارسات التي قام بها أبناء القبائل للنهوض بتاريخ بلادهم والذين شكلوا من خلاله -جنباً إلى جنب- مع باقي الفئات داخل المجتمع اللحمة الوطنية الأساسية له.
ولعل الفائدة من هذه الدراسة تكمن في إعطاء تلك الفئة مكانها الواضح في مجتمعهم على العلم بأن في معظم الدراسات التي تتناول تاريخ الكويت تشير لهذا المجتمع كونه مجتمع بحري تماماً وربما أشارت بعض الإشارات البسيطة للبدو كعنصر قد يظهر بعض الأحيان على الساحة ولكن ليس كمحرك للتاريخ وإنما من باب التعريف بوجود تلك الشريحة. كما أن من الأمور التي قادتنا للبحث عن هذا العنصر هو التذبذب الذي ارتبط بهذه الشريحة كون القبائل لاتعرف حدود الدول وعاشت في الصحراء فانقسمت ولاءاتها حسب المناطق القريبة منها أو التي ترتبط معها بالمصالح. وكذلك هو الرغبة في وضع صورة حقيقية للدور الذي مارسه البدو كمحاولة لربطهم بالأحداث التاريخية التي شكلت بالنهاية دولة الكويت.
ينقسم هذا البحث إلى جوانب عديدة أولها الجانب السياسي وعلاقة القبيلة به و نوع النظام السياسي القائم ذو الأصول القبلية ثم يناقش البحث الجانب الاقتصادي وعلاقة البدو باقتصاد المدينة ثم مكان البدو داخل المجتمع المدني بعد النفط.



تمهيد:
تتكون بيئة الكويت المحلية من خليط من الجماعات التي عاشت على تلك الأرض وهي متباينة فيما بينها من عرب وعجم وغيره ، وحتى العرب أنفسهم كانوا يشكلون في أصلهم مجموعة مختلفة من الأنماط فمنهم عرب الجزيرة والقبائل والعرب النازلين من العراق ومن مناطق متفرقة. والعجم هم المقصود بهم الفرس القادمين من السواحل الفارسية والذين اختلطوا في مجتمع الكويت المحلي على فترات مختلفة من تاريخه. إذن النتيجة هي مجتمع محلي على بقعة معينة من الأرض في الركن الشمالي الغربي من الخليج العربي متنوع ومتباين في الأجناس البشرية التي كونته.
ولا شك أن لكل تلك العناصر رغم تباينها دور في بناء مجتمعها تماشياً مع عملية التفاعل الاجتماعي التي حدثت بين تلك المكونات في وقت قريب من تأسيسها وهذا قد يرجع إلى عدة عوامل لعل من أبرزها مشاركة أفراده في نفس الظروف المحلية الاقتصادية والاجتماعية والتي اتسمت بالقسوة والشدة بالإضافة إلى نفس الأخطار المحدقة وكذلك دور السلطة التي أحكمت قبضتها على هذا المجتمع منذ الساعات الأولى لولادته.
وساد هذا المجتمع ذو التركيب المتباين نوع من التعايش السلمي بين أفراده والذي قام على علاقات متبادلة بين أطرافه من تجار وحرفيين وعمال وغيره في بوتقة السلطة الحاكمة ذات الحدود المحيطة بالكويت. وظهر كل عنصر من هذه العناصر بسمة تميزه عن غيره من عناصر. واختلفت المهن التي مارسها كل من هذه العناصر حيث انقسموا إلى قسمين أحدهما قائم على النشاط التجاري البحري المرتبط بالصيد والغوص على اللؤلؤ والسفر . والآخر الذي اعتمد على التجارة البرية وطريق التجارة العظيم الذي يمر بالكويت والذي كان محطة للقوافل البرية التجارية المحملة بالبضائع المتنوعة والقادمة من عدة مناطق.
وما يهمنا في هذه الدراسة هو النشاط التجاري البري المرتبط بالبدو بطبيعة الحال. ولكن قبل الخوض في أهم الأنشطة التجارية التي مارسها البدو في مجتمع الكويت علينا أن نفهم أولاً النواة الأولى التي تكون منها المجتمع الكويتي والتي قامت أساساً على العنصر الذي نحن بصدد دراسته وهو القبيلة. فالنظام السياسي الأول الذي قام في الكويت كنتيجة لاستقرار العتوب على أرضه وذلك باختيار أول حاكم من آل الصباح كان وفقاً للنظام القبلي كما أجمع عليه المؤرخون. وبما أن النظام السياسي وهو العصب الرئيس في الدولة قد كان في الأصل ذو جذور ترجع للقبيلة إذاً لماذا درج عن البدو على أنهم من عنصر مغاير لهذا التكوين؟ للإجابة عن هذا السؤال نحتاج بداية لفهم الطبيعة التي تشكل منها مجتمعنا الكويتي. و معرفة الطبيعة التي أحاطت بالبدو وكونت منهم عنصر له طبيعة خاصة.




من هم البدو ؟
ترجع كلمة بدو في العربية إلى كلمة البادية بمعنى الصحراء ويقال" بدا القوم بدواً " أي خرجوا إلى البادية، والبادية هي خلاف الحضر، فالبدو هم سكان البادية. [1] ويعرف ابن خلدون البدو على أنهم من يعيش خارج المدن وهم السكان الذين يشتغلون بمهنة الرعي والمقتصرون على الضروري من حاجاتهم.[2] ويرتبط البدو مع بعضهم برابطة قوية قائمة على القبيلة التي مصدرها رابطة الدم. و القبيلة هي وحدة اجتماعية متماسكة تتكون من مجموعة من الأفراد الذين يسكنون بقعة جغرافية معينة ويتمتعون بنوع من الاستقلال السياسي. ويتكلم أفرادها لهجة معينة تميزهم عن غيرهم.[3] والسمة الظاهرة على هذا التكوين الاجتماعي هي البداوة، والبداوة هي أقدم نمط اجتماعي للحياة عرفه الإنسان والذي يتمثل في علاقة الإنسان بالبيئة ومدى تكيفه مع ظروفها.[4] ولعل مايميز المجتمع البدوي عن غيره من المجتمعات كونه يعتمد على الأرض في استدامة الحياة، ويتسم بالبساطة الاجتماعية والاقتصادية والتي ترجع إلى قلة الفروق بين أفراده وقلة الحاجات المادية والتي لا تتعدى الضرورات الأساسية كالغذاء والملابس.[5]
والبداوة هي نمط الحياة القائم على التنقل الدائم للإنسان طلباً للرزق و يتوقف مدى استقراره على كمية الموارد المعيشية المتاحة في الأرض.[6]
ويجب الملاحظة هنا أن علماء الاجتماع قسموا البداوة إلى درجات. فهناك ما يسمى بالبداوة ونصف البداوة؛ ونقصد بها الهجرة. لأن نصف البداوة هي ما اعتمد على الهجرة، كون الهجرة وعدم الثبات على بقعة معينة من الأرض يتطلب الاحتكاك الحضاري والاجتماعي بمجموعات أخرى، وهنا فإن نصف البداوة تخالف البداوة بمفهومها الشامل المتمثل بنوع من نمط الحياة المتماثل، لأن نصف البداوة تعتمد على الخروج من المجتمع المحلي عن طريق الهجرة والاتصال بمجموعات أخرى جديدة.[7] والمجتمع البدوي القائم على البداوة اعتمد في استقراره على الماديات نظراً لبحثه المستمر عن أماكن الموارد التي تضمن حياته ومن ثم فإنه بعد حصوله على موارده يمارس حياته الاجتماعية والاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة به، وبما أن البدو اعتمدوا في استقرارهم على الموارد فهي طبيعة أقرب للتوطين منها للاستقرار.[8] ومحور حياة البدوي ارتبط ببيئته المتمثلة في البادية ثم ما جاورها من مدن. وهنا تظهر بعض الإشارات لاتصال طبيعي بين البدو وسكان المدينة من الحضر، حيث أن سكان المدن من العرب على اختلافهم يرجعون في أنسابهم إلى قبائل استوطنت الصحراء وهذا ارتباط غير مباشر بين سكان المدن وسكان الصحراء، وبما أن المدن كانت ضمن البيئة المحيطة بأهل البادية فإن حياة البدوي قائمة أولاً على باديته المحلية ثم ما جاورها من مدن.

العتوب، نشأة نظام سياسي في ضوء مؤثرات قبلية:
وبتطبيق ما ذكر سابقاً على مجال دراستنا وهي الكويت، فإن دراسة دراسة حالة الكويت- كما يرى عبدالله الهاجري- كمجتمع مدني متآلف وتطورها لا يمكن أن تكون بمعزل عن مفهوم القبيلة والعصبية كأحد أطراف المجتمع.[9] ولا يختلف المؤرخون على أن من أسس مجتمع الكويت هم العتوب، والعتوب هم مجموعة قبائل عربية تشكلت من جماعات كبيرة من العشائر التي ترجع في أصلها إلى قبيلة عنزة والذي كان موطنهم الأصلي منطقة الهدار في نجد، وكلمة عتوب ترجع إلى الفعل العربي عتب ومعناه كثر ترحاله من مكان لآخر.[10] وإلى العتوب ينسب آل صباح وآل خليفة والجلاهمة.[11] وهذا طبقاً لتقرير فرانسيس واردن عام 1819م حيث أشار للعتوب كونها قبائل نزحت من شبه الجزيرة العربية إذ يقول في تقريره:"في حوالي عام 1716م دخلت ثلاث قبائل عربية ذات شأن وهي آل صباح وآل جلاهمة وآل خليفة في تحدوها عوامل المصلحة والطموح في تحالف واستقرت على بقعة من الأرض على الساحل الشمالي الغربي في الخليج العربي تسمى الكويت.[12] وبهذا فقد نشأت الكويت عندما جاءت بعض الأسر العربية من الجنوب أثناء القحط بحثاً عن موارد الحياة، وكانت هذه الأسر تتبع تنظيماً قبلياً ترأسه العائلات ، وفيه عائلة قائدة وهي الصباح، وكان رئيسها يسمى أميراً أو شيخاً .[13] فبعد استقرار العتوب على أرض الكويت قرروا وضع حاكم يدير شئونهم ويفصل بينهم كخطوة لوضع نظام سياسي؛ فتم الاتفاق على اختيار صباح بن جابر وكان ذلك وفق النظام القبلي الذي كان سائداً آنذاك .[14] فتظهر القبيلة هنا كركيزة أساسية قام عليها المجتمع الكويتي منذ تأسيسه. ورغم ذلك فإن هناك من المؤرخين من يرى أن العتوب في أساسهم و رغم كونهم قبائل إلا أنهم تخلصوا من المؤثرات القبلية المؤثرات القبلية، حيث يرى بعضهم أن زعماء الكويت من العتوب كانوا من الحضر.[15] وكذلك يرى أبو حاكمة في تفسيره لطبيعة نظام الحكم القائم في الكويت والذي جاء بمشاركة من الكويتيين ولم يكن حكماً مطلقاً لشيخ قبيلة والسبب في ذلك يرجع إلى كون العتوب تجاراً مستقرين ولم يكونوا بدواً متنقلين وأنهم قد تخلصوا من طور التنقل والبداوة وهم في طريق رحلتهم من نجد إلى قطر.[16]  وبغض النظر عن تلك الآراء فإنه من المؤكد أن العتوب هم من أصول قبلية في الأساس وأنهم وإن كانوا قد تخلصوا من بعض المؤثرات القبلية إلا أنه حتى الاختيار لنظام الحكم كان وفق التنظيم العشائري وهذا ما أجمع عليه عدد كبير من المؤرخين. فإن الطبيعة القبلية قد طغت على العتوب أثناء رحلة هجرتهم حيث ركنوا إلى القرصنة وأعمال النهب وهو ما يشبه الغزو البري وهذا التقليد اعتادت عليه القبائل العربية [17]إضافة إلى ذلك فإن من الدلائل على هذه الطبيعة المتأصلة هو معاهدة حسن الجوار التي وقعها الشيخ صباح الأول مع أمراء الإحساء عند اختياره لحكم الكويت كانت في إطار الأعراف التي سادت بين القبائل [18] مما يدل على التأثير القبلي لدى العتوب والذي مازال قائماً .وكذلك فإن النظام الإقتصادي الذي جاء بعد ترسيخ النظام السياسي في المدينة كان هو الآخر يعكس التأثيرات القبيلية التي كونت أساسه ومثال هذا ماتذكره ميمونة الصباح في كتابها "الكويت حضارة وتاريخ" إذ تقول: "ومن الجدير بالذكر أن الكويتيون الجدد - العتوب – لم يمتهنوا حرفة الرعي لأنها لم تكن مجدية كثيراُ في منطقة يمتهن فيها الكثيرون هذه الحرفة[19] والحقيقة أن هذه العبارة تشير إلى أمرين هامين أحدهما أن هؤلاء الساكنون الجدد هم في الأصل من البدو الرحل الذين اعتمدوا بنشاطهم على حرفة الرعي وأن أي تغير لهذا النشاط عند قدومهم إلى الكويت قد تغير لكون هذه المنطقة كثرت فيها حرفة الرعي هذا من جهة ومن جهة أخرى عدم جدوى هذه الحرفة مع وجود البحر والأمر الآخر أن المنطقة المقصودة هي منطقة صحراوية قائمة على الطبيعة البدوية وأن التغيير الذي جاء بعدها كان من متطلبات الحياة التي فرضتها الظروف على الساكنين لتلك المنطقة الجديدة والتي ستغير حياتهم بشكل نهائي نحو المدنية، وهو ما أشارت له جاكلين إسماعيل في كتابها (التغير الإجتماعي في الكويت: رؤيا تاريخية) حيث تقول: " إن التطور في الكويت القديم أخذ في البداية شكل التطور القائم على التنظيم الإجتماعي القبلي بقالبه البدوي الرحالي أو شبه الرحالي القائم على تقسيم واضح للمهام والأدوار الإنتاجية" [20] . أي أن تغير المجتمع وتخلصه من المؤثرات البدوية كان حتماً تقتضيه حياة الساكنين الجديدة للبحث عن أفضل وسيلة للعيش وهو ما أكدته ميمونة الصباح حيث تقول وهكذا كان البحر مصدر الدخل الأساسي للمستوطنين الجدد فانخرطوا للعمل به واعتبروه ملاذهم[21]، كما أكد الاتفاق على أول حاكم بين تلك القبائل على عدم وجود أي صراع داخلي بين العصبيات الموجودة كما كرس المحافظة على تلك التكوينات الاجتماعية داخل المجتمع الناشئ.[22]وعلى الرغم من أن بداية الدولة في الكويت قائم على البداوة، فقد شكل اختيار الحاكم اتفاقاً بين القبائل الموجودة شكلاً من أشكال المدنية في ذلك التنظيم الاجتماعي البسيط.[23] وقد حرص أفراد الأسرة المختارة للحكم وبعض الأسر الحضرية على الارتباط بالنسب مع البدو.[24] حيث أنه ولضمان ولاء القبائل يظهر الارتباط معها بنسب وصهر.وقد أكد قيام نظام الحكم على عدم وجود أي صراع داخلي بين القبائل لأن النظام حافظ على تماسك التكوينات الاجتماعية داخل المجتمع.[25]
البدو في التكوين الاجتماعي للمدينة:
وكنتيجة لقيام نظام الحكم في الكويت توافد أعداد كبيرة من البدو إلى داخل المدينة، وبذلك أصبحت البادية مصدراً أساسياً يمد المدينة بأعداد من البشر فنما هذا المجتمع اعتماداً على ما ترسله البادية من سكان والذي خضع للزيادة والنقص.[26] وقد رغبت العديد من القبائل في الهجرة إلى الكويت لتنشأ في ظل الحاكم الجديد الذي كان حكمه قائماً على العدل، مفضلين حياة المدينة على حياة البداوة المليئة بحوادث السلب والنهب والنزاعات القبلية وما نتج عنها من حروب.[27] لذلك فقد نمت الكويت في القرن الثامن عشر الميلادي وتزايد عدد سكانها خاصة من البادية والهاربين من القحط والجفاف.[28]
وهكذا أخذ البدو في التشكل داخل جسم الدولة الناشئ، فبدو الكويت في الأساس هم الساكنون في الصحراء تحت ظروف مناخية صعبة كنتيجة للبيئة الصحراوية القاسية، حيث قلة المياه وحرقة الشمس والعواصف الرملية، وكانوا يعتمدون في عيشهم على الرعي القائم على الماشية باختلاف أنواعها؛ وكنتيجة لتلك الظروف القاسية أخذوا يتوافدون على المدينة.[29] وكانت القبائل خارج مدينة الكويت تابعة لحكم آل صباح تغزو معهم وتأتمر بأمرهم وتدفع لهم الزكاة.[30] وهذه القبائل ترتبط بالحضر من أهل المدينة برباط وثيق ولا تبتعد كثيراً عن المدينة.[31]
وضمن هذه الهجرات القادمة من البادية وغيرها نمت الكويت في القرن الثامن عشر وتزايد عدد سكانها من قبل القادمين لها من المناطق المجاورة هرباً من القحط وظروف الحياة القاسية [32]وفي معظم مصادرنا المحلية نجد العبارة التالية: سكن الكويت قبل قدوم العتوب إليها لفيف من البدو وصيادي السمك.[33] وظلت كذلك حتى قدوم العتوب إليها. والحقيقة أن هذه العبارة رغم ورودها في العديد من المصادر التاريخية التي تناولت نشأة الكويت بالإضافة إلى الرواية المحلية الكويتية وهي عبارة نمر عليها مروراً سريعاً عند الاطلاع على تاريخ الكويت، فهي تحمل في مضمونها المعنى الكثير فنجد أن لفيف البدو ترافق مع صيادي السمك وهما فئتان ذات طبيعة نشاط متناقضة إذ اعتمدت الأولى على البر بينما مصدر رزق الفئة الثانية كان البحر؛ فيظهر هنا أن التباين كان من مقومات قام عليها كيان الدولة الناشئ؛ فأرض الكويت في الأصل وقبل قدوم العتوب لها كانت قد حوت في أحضانها مجموعات مختلفة من البشر ذات أنماط معيشية متباينة. حيث تكونت إمارة الكويت من عدة تركيبات اجتماعية مختلفة قبلت التعايش فيما بينها في منظومة اقتصادية متكاملة مكنتها من الحفاظ على وضعها الاجتماعي بين مكوناتها المتباينة، سواء كانت هذه المكونات من داخل سور المدينة أو الجماعات التي سكنت الصحراء المحيطة بالسور[34] فمجتمع الكويت كان مقسماً إلى عدة فئات اجتماعية على رأسها السلطة الحاكمة وهي آل صباح الذين مارسوا السلطة ثم التجار ومعظمهم من الأسر الغنية التي هاجرت مع العتوب أو أتت من الإحساء والبصرة وغيرها[35]،ثم العمال وهم مزيج من البدو والحضر وهم عماد الأنشطة الاقتصادية التي اعتمدت عليها الكويت منذ النشاة[36]،إضافةً إلى المزارعين أو(القروية) والرعاة وهم من البدو.[37] والقبائل التي سكنت بادية الكويت انقسمت إلى قسمين الأولى هي جماعات من العشائر المتماسكة اجتماعياً ذات أصول قبلية واحدة وهي ما يعرف بـ"العريب دار"، والقسم الثاني كانت القبائل والعشائر [38] وكانت جماعات "العريب دار" ذات طبيعة تعتمد الترحال حيث تنزل بالقرب من أسوار الكويت صيفاً لتشارك في موسم الغوص وبعد انتهاء هذا الموسم تعود أدراجها إلى البادية بحثاً عن المرعى[39]، ورغم أن هناك من يصنف هذه الفئة بين البدو والحضر ضمن شكل التركيبة السكانية الاجتماعية لسكان الكويت [40] إلا أن هذه الفئة يغلب عليها الطابع القبلي كونها أولاً اعتمدت على الترحال إذاً لم تتخلص بعد من نمط البداوة؛وثانياً كونها لا تعتمد أرضاً كمكان ثابت تعيش عليه. وقد اندمج "العريب دار" في الخليط الحضري من أبناء الكويت وبدأت هذه المجموعة بالتفاعل مع باقي مكونات المجتمع الكويتي وأظهرت ولاءها لحكام الكويت[41] والحقيقة أن الوجود القبلي ليس بجديد على المدينة حيث سكنت بعض من فخوذ القبائل داخل المدينة واستقرت فيها استقراراً نهائياً وتخلصت من البداوة بشكل تام[42]. وطبقاً لمصادرنا المحلية فقد سكن الكويت قبل قدوم آل صباح لفيف من البدو وصيادي السمك[43]؛ حيث المهم من هذه العبارة كون الكويت حتى من قدوم العتوب لها هي في الأساس أرض احتوت أنماط مختلفة من البشر من بادية وحاضرة. وعودةً إلى الوجود القبلي في الكويت فبالإضافة إلى "العريب دار"، ظهرت مجموعة أخرى من القبائل الرحل- تمت الإشارة لهم سابقاً- التي أحاطت بسور المدينة؛ ولكنها حافظت على نمط حياتها البدوي التام-على عكس "العريب دار"- ولم تكن تعترف بموطن لها كما أنها دانت لفترات تاريخية محددة بالولاء لحكام الكويت ولكنها لم تثبت على ولائها لحكام الكويت[44]. والآن لو رتبنا الوجود القبلي في الكويت إلى فئتين: "عريب الدار"= (نصف البداوة)؛ثم القبائل والعشائر=(البداوة)، فالحقيقة أن لكل منها أثر واضح في تاريخ الكويت وهو أمر طبيعي شأنه بذلك شأن باقي النسيج الاجتماعي للكويت، فنجد أن "العريب دار" التي تنقلت وترحلت من وإلى شبه الجزيرة العربية داخل وخارج سور الكويت تحت مظلة بن صباح قد شاركت المجتمع المدني اقتصادياً حيث أن "العريب دار" احتاجوا المدينة لشراء حاجاتهم بالإضافة للمشاركة والاستفادة من موسم الغوص، في مقابل اعتماد سكان المدينة عليهم في إنعاش حركة البيع والتجارة[45]. ثم يأتي دور القبائل ذات النمط البدوي التام لتبرز من خلال اعتماد حكام الكويت عليهم في بسط نفوذهم على المنطقة بعد كسب ولائهم، ثم إنهم شكلوا درعاً أمنياً لصد الأخطار التي واجهتها المدينة كما استعان بهم الحكام في سلسلة من الحروب التي خاضتها الكويت عبر تاريخها كون هذه القبائل امتلكت من المهارات القتالية التي اعتمدت عليها في بقائها واستمرارية حياتها.


الآن لدينا حقيقة هي :
البدو في الكويت
   
عريب دار
قبائل وعشائر- بدو رحل
قبائل مستقرة منذ النشأة وما أعقبها استقراراً نهائياً وكونت مجموعات متحضرة وتخلت تدريجياً عن نمط البداوة.

وقبائل الكويت في معظمها تشكل جزءاً من امتدادات بشرية كبرى في منطة الجزيرة العربية حيث نجد أبناء عمومة البدو الكويتيين ينتشرون على امتداد الساحل الخليج العربي مثل عنزة   والعجمان ومطير وشمر وغيرها من القبائل المعروفة في الكويت.[46] وقبائل الكويت كونهم أحد مكونات المجتمع الكويتي ينقسمون إلى عشائر منسوبة وعشائرغير منسوبة حسب تقسيمة حسين خزعل، فتكون العشائر المنسوبة هي التي يرجع أصلها إلى جد أعلى تم تدوين اسمه في كتب الأنساب مثل شمر وعنزة والظفير ومطير والعجمان وغيرها، أما العشائر الغير منسوبة فهي التي لا تنتسب إلى جد معلوم ولايعرف لها أصل بين العشائر ولم تتعرض لها كتب الأنساب مثل العوازم والرشايدة وعريبدار أو الطواوحة وأخيراً الصلبة وهي عشيرة بدوية قضت عليها الحروب فتفرق نسبها[47]. وعليها عاش بدو الكويت في الحياء الكويتية القديمة شأنهم شأن أبناء المدينة فشكلوا جميعاً إما تجمعات أسرية (أبناء المدينة) أو تجمعات عشائرية (البدو) وهي مماثلة للحياة في الصحراء على شكل تجمعات ولكن البدو استبدلوا خيامهم ومضاربهم في الصحراء بـ"الفريج" في المدينة، فمثل ماكان في المدينة أحياء للشيوخ والعداسنة والقناعات ؛ كانت هناك أحياء أخرى للعنوز والعوازم والرشايدة والمطران[48].
وإلى هذا الوجود المبكر في المجتمع الكويتي؛ يقسم البعض بين أنواع البدو داخل المجتمع فيرى أن "العريب دار" وهم شبه الرحل كان لهم الدور الأكبر وهم البدو الوحيدون الذين يستحقون الانتماء للوطن رجوعاً إلى مشاركتهم في المجتمع الناشئ والإنعاش الاقتصادي الذي أحدثوه مستثنياُ منهم القبائل الرحل من البدو والذين لا يعطيهم صفة المواطنة لعدم مساهمتهم في المجتمع الناشئ كونهم دخيلون عليه جاءوا في فترة متأخرة ولم يشاركوا في أي تفاعل اقتصادي –اجتماعي – سياسي مع أهل الكويت وباقي القبائل وهم الرحل لأن مشاركتهم مشروطة بل ومحدودة تقتضيها عدة عوامل كالتنقل الدائم والتغيير المستمر في ولاءاتها من حاكم لحاكم والذي منعها أحياناً كثيرة من دخول الكويت[49]، وهذا ما يراه ناصر الفضالة في كتابه الحالة والحل.
وإذا افترضنا صحة كلام الفضالة فإن هذا بطبيعة الحال سينسحب على معظم النسيج الاجتماعي المكون للمدينة على اختلافهم وهم المهاجرون من نجد وباقي المناطق والعجم وغيرهم ممن أتت هجرتهم في فترات متأخرة إلى المدينة فإنهم بطبيعة الحال لم يشاركوا في أي تفاعل اقتصادي-اجتماعي- سياسي الذي يشير له الفضالة ومع هذا فهم ضمناً من مكونات المجتمع الكويتي الذي يربطه الفضالة بالمواطنة مستثنياً من ذلك القبائل! فإذاً ماهو الفرق بين هذه الهجرات البشرية المختلفة وبين البدو الرحل من القبائل؟ نعم قد يكون الفرق هو الولاء السياسي فقط والذي اعتمدت عليه القبيلة في حياتها واستخدمه أصحاب السلطة من حكام بينما اكتفت المجموعات البشرية الأخرى من غير القبائل بالعيش السلمي نظراً لعدم وجود رابط قبلي بينها يعطيها طابعاً سياسياً. كما أن ظاهرة التنقل الدائم التي انتهجها البدو والتي يعترض عليها الفضالة كونها لا تتفق مع المواطنة؛ فإن حسين خزعل في كتابه "تاريخ الكويت السياسي" يفسر ظاهرة تنقل البدو تفسيراً منطقياً ويرجعها للطبيعة البشرية التي اتصف بها البدو إذ يقول:" معظم عشائر بادية الكويت هم من العشائر الرحل ولما كان البدوي بفطرته وبطبيعة حياته يسير وراء المرعى فلا يمكن أن تتقيد أية عشيرة من عشائر البدو بمنطقة دون أخرى فهم أينما وجدوا ربيعاً في البادية شدوا إليه الرحال دون أن تصدهم حدود أو تمنعهم حواجز سياسية".[50] وهنا فإن خزعل يعطي سبباً واضحاً لعدم ثبات القبائل على ولائها نظراً لتنقلها الدائم حيث لا تمنعها الحواجز السياسية وأن هدفها من تغيير ولائها إنما يعود لتغيير بقعتها الجغرافية بما يتفق مع مصالحها، ثم إن خزعل وضعها تحت مسمى" عشائر الكويت".و يؤكد على ذلك حسن الصبيحي في كتابه" الكويت إبحار في السياسة والتاريخ" إذ يقول:" وهذه الفئة-البدو- تعد بمعيار الدور والزمن قديمة وجديدة في آن واحد، هي قديمة لأنها تنتمي إلى أصول اجتماعية عريقة من حيث أن مجتمع البادية الذي يشكل الرافد البشري الأول لسكان الجزيرة العربية بل إن الأسرة الحاكمة في الكويت وفئة التجار ترجع في أصولها الأولى إلى إحدى قبائل البادية التي كانت تسكن قلب الجزيرة العربية وهي قبيلة عنزة.[51]
موروثات السلطة في الكويت وتداخلها مع الطبيعة القبلية-"علاقة البدو بالسلطة الحاكمة":
تعود علاقة البدو –القبائل بالسلطة الحاكمة في الكويت إلى فترة مبكرة مرتبطة بنشأتها، إذ علاوةً على كون السلطة الحاكمة في الكويت قامت على أساس قبلي وذلك باختيار صباح بن جابر كأول حاكم للكويت[52]،فإن اختياره بحد ذاته كان من أهم أسبابه علاقة صباح الطيبة مع القبائل وأهل الصحراء في البادية ولذا فإن سلطته كانت تتعدى أسوار مدينة الكويت، ومما يدل على ذلك قصة الدكتور الهولندي آيفز عام 1758م والتي يتضح من خلالها أن القبائل النازحة على الطريق الصحراوي من الكويت إلى حلب كانت على علاقة طيبة وطيدة مع صباح الأول لذا فإن صباح قد عهد لتلك القبائل ضمان سلامة آيفز في طريقه إلى حلب ماراً بالكويت[53]، كما أن عمل صباح بالبر طوال أيام العام قد أكسبته علاقة طيبة مع القبائل وكسب ودهم[54].وقد اعتمد حكام الكويت على البدو في تامين حدود المدينة وكذلك فإن أبناء القبائل قد اعترفوا بسيادة شيوخ الكويت وعلى حسن العلاقات فيما بينهم. وإن نمو مدينة الكويت من حيث أهميتها وتطورها في الخمسين سنة الأولى من تأسيسها جاء كنتيجة لتحالف العتوب البحري مع سواهم من القبائل المجاورة [55]. وبما ان سلطة الشيخ تتعدى أسوار المدينة [56] إلا أن بعض تلك القبائل المجاورة للمدينة قد شكلت في بعض الفترات التاريخية من الكويت خطراً على المدينة من خلال هجماتها[57]. إضافةً لذلك فإن البدو في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي لم يكن مسموحاً لهم الدخول للمدينة وهم مسلحين[58].
فعلاقة شيوخ الكويت بالبدو منذ النشأة كانت تحكمها قوة الشيخ نفسه، ففي حين امتدت سلطاته إلى خارج السور فإن النطاق الإقليمي لممارسته السلطة على القبائل اختلفت من حاكم لآخر ن فالحاكم القوي مثل مبارك الصباح (1896-1915م) كان قد فرض سيطرته على قبائل البادية وأخضعها لسلطة الإمارة، بينما حاكم مثل محمد بن صباح (1892-1896م) فقد تمكنت في عهده بعض القبائل من التمرد على سلطته وهاجمت مدينة الكويت أكثر من مرة[59]،وذلك أثر   العلاقة المضطربة التي ربطت بين الطرفين[60]. و تصف جاكلين اسماعيل العلاقة بين البدو والسلطة الحاكمة من آل صباح أنها أفراد الأسرة الحاكمة كانوا يفضلون العمل في البر نظراً لأنهم في الأصل جاءوا من مناطق صحراوية من شبه الجزيرة العربية لذا فهم شديدوا الالتصاق بتلك القبائل البدوية المنتشرة في الصحراء، كما كان آل صباح يقومون بمرافقة القوافل الصحراوية ويشاركون في قيادة الحراسة ويشاركون في قيادة الحراسة وكانوا على دراية كبيرة بطباع البدو، وحرصوا على المصاهرة معهم ضماناً لولائهم، وكان دور له تأثير كبير على القبائل لأنها مثلت الدرع الواقي أولاً للمدينة ومن ثم للتجارة البرية في الكويت[61].و منذ نشأة الكويت كانت بعض القبائل قيم إقامة دائمة في أراضي الكويت وتدين بالولاء والتبعية لشيخها ومنها العجمان ومطير وعنزة وشمر[62]. وكانت أسرة آل صباح تدرك ما اتسم به أبناء القبائل من اعتزاز بالنفس فكانوا دائماً ما يستخدمونهم كحرس خاص بهم "الفداوية" وهم أتباع الشيخ المسلحين، وهذا العمل يناسب البدو كونه يحمل أولاً امتياز حمل السلاح والذخيرة لحماية الشيخ، وثانياً فهو لا يتطلب جهداً سوى البقاء بجانب الشيخ للدفاع عنه ضد أي خطر[63]. وكانت الزكاة التي يدفعها البدو للحكام تمثل مورد هام لهم كما أنها أكبر دليل على ولاء تلك القبائل، وقد اعتاد الحكام على إرسال بعض الأشخاص للبادية ليكون مسئولاً عن البدو هناك[64].ونظراً للأمن الذي وفره حكام الكويت للقبائل فقد كان عدد كبير منها قد تحالف معهم ومن ثم مارسوا تجارتهم مع الإمارة وجلبوا قطعانهم للرعي داخل الإمارة[65].كما شكل البدو في الكويت عنصراً هاماً في قوات وتشكيلات تحمي المدينة من أي اعتداءات[66].ولم يكن هناك صراع بين القبائل المختلفة في الكويت أو بين شيخ الكويت وبين أحد رؤساء القبائل من رعاياه وهذا يعكس حقيقة وهي أن المجتمع القبلي في الكويت كان متفاعلاً في مرحلة مبكرة بل ومندمجاً مع النظام الحاكم وإن كان لايزال قائماً على البنية القبلية كتنظيم فنجد أنه بعد استقرار الحكم الأول شيخ فيها استمدت القبائل سلطتها من سلطة شيخها[67].
ومنذ عهد الشيخ صباح الأول عمل حكام الكويت على كسب ود القبائل كونها مصدر قوة له من خلال ولائها، فقد حرصت على تكريس ذلك من خلال الروابط الأسرية بينها وبين القبائل وذلك من خلال الزواج من بنات رؤساء القبائل تأكيداً على التحالف معهم وضمان ولائهم[68]. وعن العلاقات التي تربط البدو بالسلطة الحاكمة في الكويت فإن تاريخنا مليء بالمواقف التي أكدت على العلاقة الطيبة التي تربطهم ومنها ما حدث في عهد الشيخ صباح الثاني من استنجاد قبيلة العجمان به إثر خلافها مع المير عبدالله بن فيصل حيث لجأت للكويت وهنا طلب الأمير عبدالله من الشيخ تسليمهم ولكن الشيخ رفض ذلك مراعاةً للعادات العربية[69]. كما أن الشيخ مبارك كان قد جعلهم أغلبية جيشه في الحروب التي خاضها خلال فترة إمارته مثل الصريف 1901م وهدية 1910م.ثم يظهر دور البدو الكبير في معركة الجهراء 1920م في عهد الشيخ سالم المبارك (1917-1921م)[70]. ويوي حسين خزعل في كتابه "تاريخ الكويت السياسي" حادثة توضح العلاقة القديمة التي تربط البدو بحكام الكويت وهي عند استقرار العتوب في الصبية تصادموا مع قبيلة الظفير وعلى إثر ذلك قرروا الرحيل إلى المدينة[71].  
مبارك الصباح والبدو- " توظيف العلاقة في تحقيق أهداف السيادة:                          
اصطبغت العلاقة بين مبارك الصباح والبدو بلون خاص ، إذ تعود العلاقة التاريخية بين مبارك الصباح-الحاكم السابع للكويت والبدو إلى ماقبل تولي مبارك سدة الحكم، إذ بدأت تلك العلاقة بالظهور منذ تولي محمد بن صباح حكم الكويت، حيث أشرك أخويه جراح ومبارك في شئون الحكم[72]، حيث أوكل لمبارك شئون حفظ الأمن في بادية الكويت بينما كانت الشئون المالية من نصيب أخوه جراح[73]. فمبارك كان كان قائد الجيش والمتصرف بزمام الأمور في البادية حيث عاش حياته في الصحراء وكا ملامساً لها وقضى أيامه فيها بين الغزو والصراعات العسكرية[74]،وتعامل مبارك مع رؤساء القبائل الأمر الذي  أكسبه خبرة وتمرس في المجال العسكري[75].ولعل تصريف مبارك لشئون البادية من قبل أخويه والتي يراها بعض المؤرخين كنوع من إقصائه عن المشاركة في الحكم قد عادت في واقع الأمر بالفائدة على مبارك،حيث استخدم مبارك ذكاءه في كسب ود تلك القبائل فنشأت بينهم علاقة جعلت مبارك يعتمد عليهم حتى في أهم عملية في حياته على الإطلاق وهي الاستئثار بالحكم لنفسه بعد التخلص من أخويه بقتلهما حيث أنهى بذلك فترة الحكم المشترك،ورغم هذه الاستعانة بالبدو لعميلة حساسة مثل هذه إلا أن بواكير علاقة مبارك بالبدو كانت واضحة حتى قبل أن يستلم مبارك سدة الحكم بعد انقلابه على أخويه، حيث كانت تسند له المهام الحربية في عهد الشيخ محمد بن صباح ومنها ماحدث من استعانة مبارك بقوة من العجمان في عام 1894م وذلك لحماية الأراضي الكويتية من خطر تمثل في اعتداء بني هاجر على السفن الكويتية وقاموا بهبها، فتمكن مبارك بمساندة العجمان له بقيادة زعيمهم " مبارك بن حثلين" بمطاردة المعتدين والانتصار عليهم في منطقة بين الإحساء والقطيف واستردوا الممتلكات الكويتية[76] . فتبدو العلاقة التي تربط مبارك بالبدو كونها أولاً وطدت حكم مبارك نظراً لتأييد هذه الفئة له ومن ثم فإنها حظت بمكانة داخل مجتمعها كونها مقربة من الحاكم. ولعل حب مبارك للبدو وتقريبه لهم علاوةً على كونه يريد كسب تأييدهم وتشكيل قوة له تحقق أهدافه التي يسعى لها، فإن هناك من وصف مبارك بأنه ذو طبيعة مائلة للصحراء حيث يقول عنه الريحاني أنه كان "بدوي الطبع حضري الذوق"[77].
ويرى ظافر العجمي في كتابه"جيش الكويت في عصر مبارك الصباح" أن الروابط بين مجتمع الكويت والبدو قد ظهرت بشكل أكبر في عهد مبارك أكثر من أي عهد مضى، حيث كان البدو في العهود التي سبقت مبارك يظهرون في تاريخ الكويت بصورة الأعداء هم وشيوخ قبائلهم، إلا أن هذه العلاقة تغيرت مع حكم مبارك للكويت كونه يتمتع بخبرات الصحراء ويجيد التعامل مع البدو فأعطى شيوخ القبائل ما يستحقون من تقدير ومكانة وفي نفس الوقت من عقاب قد يستحقونه للحد من عداوتهم[78]. وكانت خبرة مبارك في التعامل مع البدو قد جعلته يتفهم الطبيعة البدوية المتطرفة حيث العداء الشديد أو الولاء المطلق والتي استغلها مبارك في صالحه، فكان رؤساء فروع القبائل في عهد مبارك تابعين له تبعية مباشرة تكاد تلغي تبعيتهم لشيخ القبيلة الكبير، وهذا يعد تطور اجتماعي وسياسي باتجاه الولاء للدولة والأرض قبل كل شيء على الرغم من ان مفهوم الولاء عند البدو للجماعة والقبيلة يأتي قبل الأرض[79]. ولعل من الأسباب التي جعلت مبارك يقرب البدو منه هو نظرته الطموحة ذات البعد السياسي والراغبة في التوسع وفرض الهيمنة على المنطقة والتي سوف يحققها من خلال كسب أكبر عدد من المؤيدين لهم والبدو هنا هم الهدف المطلوب لمبارك حتى يحقق مراميه. إضافةً إلى ذلك الرغبة لدى مبارك  في ضرورة التوسع البري للكويت حتى لايكون جل نشاطها التجاري ومستقبلها معلقاً في البحر[80].

وعودةً إلى بداية تولي مبارك زمام الحكم إثر قتل أخويه بمشاركة قوة مبارك المتمثلة بالبدو، والتي يرويها المؤرخ عبدالعزيزالرشيد من حيث التفاصيل الكاملة لتلك العملية والتي قامت بالفعل بمشاركة البدو الذي يسميهم الرشيد "الخدم" أما القناعي فيسميهم "الفداوية"، ومن ثم فإنه في اليوم الذي تلى عملية الاغتيال اجتمع مبارك بشعبه لكسب التأييد وإعلان المبايعة له، ونظرة مقربة إلى ذلك الموقف سنجد أن البدو - أحد أركان العملية- كانوا الأقرب لمبارك الذي قضى حياته بجانبهم؛ أما أبناء المدينة فهم المقصودون هذه المرة للحصول على موافقنهم تأكيداً على شرعية حكم مبارك،و ردة الفعل الشعبية والتي قبلت فوراً بمبايعة مبارك حاكماً لها دون معارضة تذكر والتي يرجعها المؤرخون أن الشعب اقتنع أن مبارك أخو القتيلين إن لم يحكم اليوم فسيحكم غداّ؛  ربما تكون في الحقيقة الخوف الذي شعر به أبناء المدينة من تلك القوة التي رافقت مبارك وهي مسلحة وبالتالي فإنه من الخطر عليهم رفض مبايعته، حيث كان البدو قوة عسكرية مسلحة لها خبرة حربية .
والحقيقة أنه وبعد توطيد الحكم لمبارك اهتم بالقوة العسكرية هذه والتي مثلت النواة الأولى للجيش لاحقاً، ففي حين يرى البعض أن هذا الجيش كان مجرد حشد طارئ يجمعه الشيخ من رجال القبائل التي تدين له بالولاء ومن ثم يفض هذا الحشد بمجرد انتهاء الأمر سواء بالهزيمة أو النصر، إلا أن وفي الواقع كان قد توفر لهذا الجيش في عهد مبارك ماتوفر للجيش الحقيقي من عقيدة قتالية وإدارة للعمليات قائمة على تشكيلات قتالة وخطط حربية[81].والجدير بالذكر أنه كانت هناك قبيلة من القبائل القوية التي خرج من صفوفها أفراد الحرس الخاص بالشيخ مبارك وهي قبيلة الرشايدة[82].
وأخيراً يمكن القول أن استقرار الوضع الداخلي لإمارة الكويت في عهد مبارك يرجع إلى حصوله من قبل على دعم قبائل الكويت لذا فهو لم يكن يعاني من انشقاقات قبلية أو ثورات داخلية[83].
     
الفداوية – استخدام الخبرة الحربية في حرس الشيوخ الشخصي:
اعتاد شيوخ الكويت منذ فترة مبكرة على الاحتفاظ بعدد من العبيد الأحرار أو "الفداوية" ويجعلونهم حرساً خاصاً لهم حيث يعتمدون عليهم في تنفيذ أوامرهم ويلازمونهم في حلهم وترحالهم وأيام خروجهم للقنص وغيره[84]. والفداوية هي نظام عشائري اتخذ للدفاع حيث كان أفراد الأسرة الحاكمة يستخدمونهم كمرافقين لهم على الدوام، وهذا الجهاز مكون من رجال مسلحين ببنادق حيث استخدموا كذلك لحماية أمن البلاد الخارجي، وفي العام 1938م  تطور هذا الجهاز بشكل أكبر حيث ظهرت الفداوية على شكل مقسم إلى نوعين كان القسم الول منه برئاسة الشيخ علي الخليفة الصباح، أما الثاني فكان على شكل حامية بقيادة الشيخ عبدالله الأحمد الصباح ودرج على تسميته بـ"المسلحين البدو" لأنهم من عرب البادية فلم يوجد فداوي من أهل الكويت، ومن الفداوية من ركب الهجن ومنهم الخيالة[85].
وقد عرف عن الشيخ أحمد الجابر أنه احتفظ بحرس من الفداوية قوامه خمسين حارساً على مستوى عالي من التدريب كانت مهمتها الولى حماية الشيخ نفسه ثم المدينة والمنشآت النفطية، وكان هؤلاء الحرس من القبائل التي تتلقى مساعدات مالية من الشيخ،ز درج على تسمية الفداوية كذلك بـ"خويه" بمعنى المجموعة التي تتبع الشيخ تبعية خاصة[86]. وقد أسندت للفداوية عدة مهام أخرى كمرافقة المتهمين وإحضارهم للشيوخ أو إرسال بعضهم إلى المحاكمة عند القاضي أو الاستقصاء عن أي مشكلة أو شجار في البادية، كما أوكلت لهم ،حراسة الآبارالنفطية وحراسة بوابات السور للتأكد من هوية الداخلين والخارجين من المدينة، ومسئول الفداوية يسمى "أمير"[87] .
ومن أشهر الحوادث المحلية التي شارك فيها الفداوية في صد الخطار الداخلية لاسيما المتعلقة بالشيخ وفرض النظام الداخلي، هو ما حدث من معارضة في عهد الشيخ أحمد الجابر من قبل أهل الكويت بعد اعتراضهم على حل المجلس التشريعي عام 1938م، حيث وقف الفداوية ضد المعارضين المعتصمين في قصر نايف، كما اعتقل الفداوية بعضاً من المعارضين للشيخ، وتدفقت على الشيخ المساعدات من القبائل المقيمة خارج أسوار المدينة[88]. ولأن هؤلاء البدو الذين شكلوا نظام الفداوية قد اعتادوا نمط الحياة القاسي في الصحراء وما ارتبط بها من قسوة الحياة، فقد كلفوا بمهام من الشيوخ تتوافق مع تلك الطبيعة وهي مهام تستدعي العمل لساعات طويلة وتحت أي ظرف من الظروف مقابل ما يقدم لهم من مكافآت من الشيوخ وعبروا عن ولائهم وإخلاصهم للشيوخ.[89]
وقد عد نظام الفداوية النواة التي تشكل منها الجيش الكويتي لاحقاً وذلك بإلغاء نظام حراسة المدينة ليحل محله الجيش مع بقاء الفداوية كحرس خاص للشيخ نفسه[90].
دور البدو في الجانب الاقتصادي المرتبط بالمدينة:
يتضح دور البدو في الجانب الاقتصادي المرتبط بمدينة الكويت منذ القرن الثامن عشر وهو دور تزامن مع نشأة الإمارة وساعد في ازدهارها وتطورها، وكانت مشاركة البدو في الجانب الاقتصادي للمدينة تتمثل في إنعاشهم للاقتصاد المحلي وذلك من خلال ما يحضرونه معهم من ماشية وغيره عند دخولهم أسوار المدينةحيث تجري المبادلات التجارية بينهم وبين أبناء المدينة مما كان له دور في دوران حركة التجارة المحلية[91]. وقد كانت البادية تبعث بأبنائها إلى مدينة الكويت للمشاركة في موسم الغوص[92]، كما كانت الكويت تمثل مركز تمويل للقبائل المنتشرة في الصحراء فأسواقها تعمر بما يجلبه تجار الكويت من منتجات البدو وبما يبيعه البدو من هذه المنتجات في كل عام وهو ما عرف بالمسابلة[93]. وكانت القبائل خارج مدينة الكويت تابعة لآل صباح ومن ثم فهي تدفع لهم الزكاة كنوع من التبعية مما كان يشكل مورد من موارد الدولة في ذلك الوقت[94].
وقصد سكان الصحراء الكويت لابتياع حاجاتهم الضرورية ومثلت لهم وسيلة لتصريف منتجاتهم على اختلافها، ومن العوامل التي ساعدت على جذب البدو للمتاجرة مع أهل المدينة هو انخفاض الرسوم الجمركية فيها وتنوع بضائعها وحسن تعامل التجار الكويتيين معهم[95]، علاوةً على موقع الكويت الجغرافي والذي يربط بين عدة مناطق مثل العراق والسعودية والبلدان الأخرى[96] كونها تمثل منفذاً تجارياً هاماً لنجد وشمال الجزيرة العربية[97]. وفي هذا الصدد يقول أبو حاكمة:" وتحصل الكويت على احتياجها من الأغنام والسمن والحليب من البدو الذين ينزلون خارج أسوارها"[98]. ولموقع الكويت أهمية تجارية كبيرة وخاصة في مجال التجارة البرية القائمة على القوافل الصحراوية والتي تديرها القبائل، حيث استفادت الكويت من كونها مركزاً تجارياً لهذه القوافل البرية المتبادلة بين نجد والإحساء والعراق والشام حيث كانت المنفذ الوحيد لنقل البضائع من الهند وشرق أفريقيا والشام وحلب لا سيما بعد احتلال الفرس للبصرة عام 1776م[99].وكان النجاح التجاري لمدينة الكويت يعتمد بشكل كبير على تجارة (الترانزيت) أو التجارة العابرة، والتي اعتمدت على نقل البضائع عن طريق تلك القوافل البرية التي تقع مسئوليتها على القبائل الذين ضمنوا سلامة وأمن هذه القوافل أثناء رحلتها دون أن يتعرض لها أحد، وهي الطريقة التي يضمنون بها الوفاء بعهدهم أمام شيخ الكويت وتجار القوافل[100]. وبالإضافة إلى كون أفراد تلك القبائل يتحملون مسئولية حراسة القوافل ويكونونفقد كانوا الدليل لها في الصحراء[101].والجدير بالذكر أن قرية الجهراء كانت تمثل محطةً للقوافل المتجهة من الكويت إلى البصرة والشام [102]. وفي حين أن أغلب المؤرخين قد حصروا اقتصاد الكويت القديم بالجانب البحري المرتبط بالمدينة وهو الغوص على اللؤلؤ والتجارة البحرية، فإن الحقيقة أن مصدر ثروة الكويت في بداية نشأتها كانت التجارة البرية من وإلى الهند وأن القوافل البرية هي من كانت تمثل مصدر الدخل الأكبر للمدينة[103]. وبرزت أهمية تلك القوافل الصحراوية في منذ بداية القرن الثامن عشر وكان لها الدور في انعاش اقتصاد الكويت حيث سهلت نقل البضائع من الموانئ العتبية على ضفاف الخليج ومنه إلى البلدان الأخرى، حيث تحمل هذه القوافل البضائع وتنقلها من الكويت إلى بغداد وحلب، وأقدم إشارة لتلك القوافل كانت في قصة الدكتور الهولندي آيفز عام 1758م الذي في نزل في ضيافة البارون كبنهاوزن – رئيس الوكالة التجارية الهولندية في الجزيرة العربية- حيث يذكر آيفز أن البارون والشيخ صباح كانا يستفيدان من نقل التجارة عبر الصحراء على الجمال ويسلكون طريقاً يجنبهم البصرة حتى لايقدموا الضريبة لمتسلمها[104]، والجهراء هي في منتصف ذلك الطريق التجاري البري والتي برزت من خلال دور القبائل فيها، كما يقول آيفز أن شيوخ الكويت كانوا ينتقلون باستمرار بجمالهم بمساعدة القبائل إلى سوريا وأن حركة شيخ الكويت كانت مقتصرة على السفر البري[105].
وكانت القوافل الصحراوية مكونة من تجار يستأجرون عدداً من الجمال وغيرها من شيوخ القبائل الذين اتخذوا من ذلك مهنةً لهم مقابل قدر محدد من المال لقاء الخدمات التي يقدمونها لهم خلال تلك الرحلة والتي تمثلت في دفع بعض من العوائد لزعماء تلك القبائل النازلين على الطريق البري المار بالكويت إضافةً إلى أجور من يرافقهم في القافلة وأجور الجمال[106].
وعن هذه التجارة يذكر الرحالة (لوشر) في تقريره الذي كتبه أثناء زيارته للكويت عام 1866م ويصف فيها أهل الكويت بأنهم ماهرون في التجارة وذكر فيه البدو المقيمين في صحراء الكويت والذين اشتغلوا بالتجارة ومن أهمها تجارة الأسلحة والذخيرة والسروج والملابس وكان هؤلاء البدو يحملون معهم صوف الأغنام والجلود[107]. وعن الأوضاع الاقتصادية في الكويت في القرن التاسع عشر يذكر الرحالة (فليكس جونز) الذي زار الكويت في 1839م أن سكان الكويت يحصلون على الماشية والدواجن من البدو النازلين في أطراف المدينة وأن أسعار هذه الماشية ترتفع عند قدوم القبائل إلى الكويت للمتاجرة بها[108].
كما يورد الكابتن (هنيل) في تقريره عن الكويت عام 1841م، إذ يذكر أن شيخ الكويت لايحصل على عوائد جمركية إلا ضريبة صغيرة على سلع البدو الذين يأتون إلى مدينته[109]. وهنا يتضح لنا أمران هامان ، الأول كون الشيخ يفرض ضريبة على سلع البدو فهذا يشكل مرفداً هاماً لاقتصاد الإمارة الناشئة، والثاني أنه وبالرغم من وجود تلك الضريبة إلا أنها ضريبة صغيرة تؤكد على حرص شيخ الكويت على التعامل مع التجار البدو من خلال انخفاض هذه الضريبة. كما يصف (هنيل) في تقريره تجارة الخيول التي كانت رائجةً في الكويت ذلك الوقت حيث اتخذ تجار الخيول وكلاء لهم من عرب شمر وغيرها من القبائل البدوية حيث أن تجار الخيول استعانوا بالبدو في ترويج خيولهم نظراً لما يتمتعون به من خبرة[110]. وقد سادت الثقة المتبادلة بين كل من أبناء المدينة والبدو في معظم تعاملاتهم التجارية، وهذا يرجع للمصالح التي تجمع الطرفين ومشاركتهم معاً في موسم الغوص كما وأن العلاقات الأسرية بينهم كان لها أثر في هذه التعاملات التجارية[111]. وقد لعبت الظروف المعيشية المشتركة بين أبناء المدينة وأهل البادية درواً في تقريب العلاقات التجارية فيما بينهما فكونهما يعيشون ضمن بيئة واحدة فإن السنوات الصعبة التي ينتشر فيها الجفاف قد أثرت سلباً على كل من البدو وأبناء المدينة على حد سواء ، وذلك من خلال اعتماد أهل البادية على منتجات المدينة الضرورية لها فتنعش أسواق المدينة ويزيد بالتالي دخلها من خلال التبادل السلعي بين الطرفين ثم يأتي اعتماد تجار الكويت في المدينة على المواد القادمة من الصحراء والتي تلبي احتياجاتهم فهي دائرة متكاملة بين الطرفين تعود بالمصلحة على كل منهما[112].
والذي نخلص منه هنا أن البدو في الحقيقة قد أظهروا انسجاماً واضحاً في تعاملهم مع المدينة من حيث التقاء مصالح الطرفين الذي خلق تكاملاً اقتصادياً وحقق نوعاً من العيش التكافلي بين الطرفين بشكل انعكس بالإيجاب على ازدهار المدينة. ذلك وأنه على الرغم من كون الكويت مدينة قائمة على التجار إلا أن تجارتها لا يمكن أن تنمو بمن فيها فقط ولكن لابد من أن تفتح أبوابها لمن حولها[113]، وبطبيعة الحال كان من حولها هم القبائل  التي كانت مستعدة للدخول في النمط الاقتصادي للمدينة وذلك بمشاركة أبنائها إما بموسم الغوص أو عن طريق المبادلات التجارية والتي كان لكل منها الأثر الواضح في اقتصاد الدولة. وكنتيجة لتعامل المدينة في نشاطها التجاري مع سكان الصحراء فقد انتعشت أسواقها وراجت سلعها حتى غدت الكويت ميناءً صحراوياً مشهوراً[114].
من قلب الصحراء إلى عرض البحر- البدو والغوص على اللؤلؤ:
ارتبطت حرفة الغوص على اللؤلؤ بحياة الكويتيين ارتباطاً وثيقاً منذ نشأة الكويت، وتعد هذه المهنة من أكثر المهن شيوعاً في الكويت على الرغم من صعوبتها ومشقتها[115]. ونظراً لازدهار حرفة الغوص على اللؤلؤ ازداد الطلب على الرجال للعمل فيها من داخل وخارج البلد بمن فيهم أهل البادية ، فكان البدو يقدمون إلى المدينة من الصحراء في كل موسم غوص وينصبون خيامهم خارج أسوار المدينة ومن ثم يركبون سفن الغوص[116]. "وقد يلتقي البحار والبدوي في شخص واحد يذهب مع السفينة للغوص على اللؤلؤ صيفاً ثم يستأنف حياة البدو في الصحراء بقية العام[117]. وكانت غالبية العاملين في طاقم الغوص من الغاصة والسيوب وغيرهم من البدو الذين يتوافدون على المدينة مع بداية موسم الغوص للعمل على المراكب المخصصة لذلك[118].وكان البدو يشكلون 30% من الغواصين أصحاب هذه المهنة[119]. ولعل من الأسباب التي أدت لانخراط البدو في هذه المهنة هي الأوقات التي شحت فيها الصحراء عليهم بمواردها، حيث كانت أيام الجفاف وقلة الأمطار داعياً اضطر البدو معه للدخول إلى المدينة ومشاركة أبنائها هذه المهنة الشاقة التي ستؤمن لهم حياتهم[120]. وإضافةً إلى كون البدو يشكلون نسبة كبيرة من الغواصين، فهناك حي في الكويت شكل البدو منه نسبة تقارب الـ90% وهم من أمهر النواخذة والغاصة وهو حي القصور، وكلمة القصور تعني القرى عند أهل الكويت قديماً وهذه القرى تضم عدة مناطق هي الفحيحيل والفنطاس وأبو حليفة والشعيبة، ومن أهم تلك القبائل التي كانت تسكنها واشتهرت بنواخذتها هي العجمان والعنوز والهواجر والرشايدة والعتبان[121]. ولكن من أشهر تجار اللؤلؤ من البدو في الكويت لاسيما في عهد مبارك الصباح هو التاجر المعروف هلال فجحان المطيري، وهو من أبناء القبائل العربية المعروفة وهي المطير. ولهذا التاجر دور كبير في انعاش اقتصاد الدولة كونها اعتمدت على هذا النوع من التجارة كما أن له قصة مشهورة في عهد مبارك الصباح إذ هاجر هو برفقة إثنان من كبار تجار اللؤلؤ في الكويت (إبراهيم بن مضف – شملان بن علي) وهو ما عرف باسم  "هجرة تجار اللؤلؤ" والتي اخلت باقتصاد الدولة آنذاك حيث حدثت بسبب فرض الشيخ مبارك ضرائب عليهم كنتيجة لهزيمة الكويت في معركة هدية عام 1910م مما أدى لاستيائهم  وتذمرهم فتثاقلوا عن الدفع [122]وبالتالي مغادرة الكويت، حيث توجه هلال المطيري إلى البحرين[123]. وفور علم الشيخ مبارك بهجرة تجار اللؤلؤ بعث برسائل يسترضيهم بها فعادوا وقبلوا الصلح إلا هلال المطيري الذي رفض طلب الشيخ مبارك بالعودة إلى الكويت[124]، وتكمن خطورة بقاء هلال المطيري في البحرين وعدم رجوعه إلى الكويت أنه كان ينفق أموالاً كبيرة على الفقراء والمساكين في الكويت، وأن بقاءه في البحرين سيشكل مركزاً لمن يريد الهجرة إليها من أهل الكويت[125]. وإثر ذلك قرر الشييخ مبارك الذهاب للبحرين ليقنع هلال المطيري بالعودة لها وبالفعل تم ذلك وعاد هلال إلى الكويت.[126] .
فكون هلال المطيري من بدو الكويت ممن كان لهم الدور الكبير في اقتصادها القائم على اللؤلؤ تلك الفترة فهذا يوضح لنا بشكل جلي دور هذه الفئة في بناء المجتمع وانخراطها مع مجتمع المدينة بشكل كبير منذ تكوينها ومساهمتها في الأحداث المفصلية من تاريخها في عدد من مجالات الحياة فيها.













أهم نشاطات البدو داخل المجتمع الكويتي القديم:
تنوعت النشاطات التي مارسها البدو داخل مجتمع الكويت الناشئ هذا إلى جانب المهن التي شاركوا فيها أبناء المدينة. ولعل من أهم النشاطات التي مارسها البدو هي مارتبط بالأرض كونها تمثل لهم مسرح هذه النشاطات المختلفة، واعتبر البدو بذلك المورد الذي يحصل منه أبناء المدينة على حاجاتهم الضرورية.
نجد أن أبسط تلك النشاطات التي قام بها البدو هي حفر الآبار لاستخراج الماء من باطنها والتي اعتمد الكويتيون عليهم في هذه المهنة نظراً للخبرة التي يتمتعون بها في هذا المجال، وشغل مهنة (حافر الآبار) بعض الشخصيات المهمة من أبناء القبائل مثل (ظبيب العازمي) وهو شخص كفيف كان قد اشتهر بحفر الآبار هو وأخوه في مدة تتراوح بين يومين[127] ،فكان صاحب المنزل يسلم الأجرة للحفار بعد تأكده من وجود الماء[128].
وكذلك تعد مهنة (بياع الجت) من أبرز المهن التي مارسها البدو في الكويت قديماً والتي اعتمدت على الزراعة لاسيما في المناطق الزراعية كالجهراء[129]. كذلك من هذه النشاطات مهنة (الشريطي) بمعنى السمسار والشريطية هم باعة الأغنام الذين يتوجهون خارج المدينة إلى الصليبيخات أو الجهراء حيث يأخذون الأغنام من البدو القادمين من الصحراء ومن ثم يبيعونها داخل المدينة، بالإضافة إلى المتاجرة بأنواع مختلفة من الماشية مثل البقر والجمال والحمير، ومن أهم البدو الذي شغلوا مهنة الشريطي في الكويت هم أبو مرزوق العجمي و زيد الحربش[130]. و كذلك تظهر مهنة (الشاوي) كأحد المهن التي برز فيها البدو وتعاملوا من خلالها مع أبناء المدينة، والشاوي هو راعي الأغنام الذي يسرح بها في الصحراء حيث اعتمد الكويتيون على الشاوي لرعي مواشيهم التي احتفظوا بها في بيوتهم، ويقوم الشاوي بأخذ الأغنام من البيوت صباح كل يوم ويسرح بها في الصحراء ثم يعيدها لأصحابها، ومن أشهر هؤلاء راشد العازمي في حي المطبة[131]. ووظف البدو حرفة الرعي لخدمة المدينة لا سيما تربية الإبل التي كان لها أهمية كبيرة في الحروب والعمليات العسكرية وحراسة أطراف المدينة والذي اعتمد عليه شيوخ الكويت قديماً حيث أن الفداوية من أصحاب الإبل في الصحراء اعتمدوا كثيراً على الإبل في الحراسة[132].
وتبرز المنتجات التي كان ينتجها البدو وأقبل عليها أهل المدينة مثل الألبان والدهن والأصواف والسدو وبيوت الشعر، وأشهر هذه المنتجات على الإطلاق هي "الدهن العداني" وهو عبارة عن السمن المستخرج من لبن الغنم، حيث كان اقبال أهل المدينة عليه كبيراً[133]. ومن أشهر البدو في صناعة هذا النوع من الدهن هم العوازم حيث أنهم أنتجوا أفضل أنواعه، وترجع تسمية هذا الدهن إلى منطقة العدان وهي الأرض التي تبدأ من أم الهيمان شمالاً حتى منيفة وأغلب سكانها من العوازم، ولهذا أطلق عليه اسم "الدهن العداني"[134] . وكذلك تنتج مجموعة من القبائل مثل المطران والعجمان والرشايدة هذا النوع من الدهن ، ولكن انتاج العوازم له أكثر بكثير لأنهم من أكثر القبائل امتلاكاً للغنم "العرب" وهي الأشهر في صناعة الدهن العداني، بينما امتلك المطران الأغنام "النجد" والت كانت هي الأخرى تنتج الدهن العداني ولكن بكميات أقل.[135]
وقد قامت نساء البدو بعدة صناعات مثل الغزل حيث يشكلون من الأصواف كتل ومن ثم يعملون بها بعض الأحذية "الزرابيل" وغيرها.[136]
كما قام البدو قديماً بجمع الأعشاب المختلفة من الصحراء وبيعها في المدينة كأحد طرق علاج العديد من الأمراض بالإضافة إلى جمع الحطب المستخدم في إيقاد النار.[137]










        





البدو و الجمرك البري:
إن أهمية موقع الكويت على الطريق الصحراوي الذي يمر ببلاد الشام كان له دور كبير في نمو التجارة البرية فيها، وبرزت الجهراء كمحطة للقوافل التجارية المتجهة إلى بلاد الشام [138].
وكان حكام الكويت يتقاضون مبلغاً معيناً من المال كرسم لمرور القوافل المارة بهذا الطريق من الكويت، حيث اعتمدوا في ضرائبهم على ما يقدمه رؤساء القبائل من أتاوات كنتيجة لنزولهم على هذا الطريق بالإضافة إلى أجور رفقاء القافلة وحراسها وأدلائها.[139]
وفي عهد الشيخ مبارك الصباح وكنتيجة لتطور الكويت في العديد من مجالات الحياة فيها تم تأسيس جمرك بري لجباية الضرائب على البضائع الداخلة للكويت والخارجة منها والتي اعتمدت بشكل كبير على القبائل، وعين الشيخ مبارك أحد عماله ويدعى ابن دهيمان كمسؤول عن تحصيل تلك الضرائب على البضائع الخارجة من الكويت إلى البادية.[140]
وكان "الصنقر" وهو مقر ميزان الحكومة للتأكد من الوزن قبل شرائه من قبل الشريطي أو التاجر[141]، والذي وضع لمراقبة القوافل البرية والتأكد من دفعها للضرائب[142].
ثم اتخذ الشيوخ الذين تعاقبوا بعد مبارك إلى عهد الشيخ أحمد الجابر من الصنقر مقراً لإتخاذ "الودي" من البدو وهي الضريبة التي فرضها الشيوخ على تجار البدو[143].
و كان البدو يقومون بدفع الضريبة المفروضة عليهم عبر الصنقر ثم يتوجهون إلى البادية عبر الصفاة وذلك قبل بناء السور الثالث، حيث وجدت خيمة صغيرة اتخذها موظف الجمرك كمقر لإستلام الضريبة، ولكن بعد توسع المدينة وبناء السور الثالث عام 1920م أصبحت بوابة الشامية هي المنفذ الرئيسي للبدو لدخولهم وخروجهم من وإلى المدينة حيث كانوا يأخذون " البروة" وهي وصل الإستلام من الصنقر ثم يسلمونها لحارس البوابة كدليل على دفعهم الضريبة[144].





التعاملات التجارية لأبناء البادية داخل المدينة- أسواق البدو:
تعددت الأسواق في الكويت قديماً وشهدت تخصصاً بمعنى أنها عرفت عدد من الأسواق التي اقتصرت كل منها على مجموعة متماثلة من السلع، وكان للبدو داخل مجتمع المدينة عدد من الأسواق التي يبيعون فيها منتجاتهم التي اشتهروا بها.
ومن أهم الأسواق التي اشتهر بها البدو في المدينة وكان له دور في تحريك عجلة اقتصاد المدينة الداخلي هو سوق "الصنقر" والذي يقع في الجزء الجنوبي من السوق المحلي الداخلي بالنسبة لبوابة السور الثاني، و دور هذا السوق يكمن في كونه شكل وسيطاً بين تجار البدو وبعض القوافل التجارية القادمة للمدينة حيث تأتي الجمال المحملة بالبضائع التي يقبل على شرائها البدو من تجار المدينة ثم تعود محملةً بها إلى البادية، ومن أهم تلك البضائع التي يوفرها السوق الحبوب والأرز والتمور وغيرها، وتخرج هذه البضائع المشتراة من بوابة الشامية لتصل إلى بادية الكويت بينما بعض المشترين يتوجهون إلى جهات أخرى من بادية الكويت لذلك كانوا يقصدون بوابات السور الأخرى[145] . ثم يأتي سوق الصراريف أو ساحة الصراريف حيث تكتظ هذه الساحة بالباعة والمشترين في فصل الربيع خاصةً ويتم فيها التبادل التجاري للسلع بين سكان المدينة ولأهل البادية حيث كانت قوافل الجمال تتوجه لشراء مايلزم لأهل البادية من هذا السوق، وكان سكان البادية يتوافدون على ساحة الصراريف لبيع منتجاتهم من الدهن والجراد والإقط وغيره ثم يشترون حاجاتهم من السوق القريبة منه.[146]
 وفي الجزء الجنوبي من ساحة الصراريف تتصل ساحة الصفاة والتي كان يطلق عليها قديماً "سوق البدو" حيث تحوي هذه الساحة بداخلها مجموعة من الأسواق ومن أشهرها " سوق التناكة" الذي بناه هلال فجحان المطيري[147].
أما سوق الدهن الذي يقع ضمن ساحة الصراريف فقد ضم بداخله حوالي 15 دكاناً يباع فيها السمن "الدهن العداني" القادم من البادية والتي اشتهرت بعض القبائل من بادية الكويت بانتاجه، ويقابل سوق الدهن كشك الشيخ مبارك الصباح لمراقبة أحوال الرعية [148] .
كما عرف عند الكويتيين قديماً سوق اسمه "سوق الطراريح" أو "الخضرة" والذي بناه الشيخ مبارك الصباح بعد معركة الصريف عام 1901م حيث ضم هذا السوق مقبرة وساحات وبيوت من أبناء القبائل وهي بيوت عنزة وينتهي غرباً عند براحة السبعان، حيث اشتهر هذا السوق ببضائع البدو ، ووكذلك سوق المعجل الذي ربط سكان المدينة بالبدو حيث أنه يتفرع من الصنقر الداخلي ومن ثم يلتقي بسكة عنزة التي تؤدي إلى مسجد بن بحر[149]. هنا يتضح لنا دور البدو ليس فقط في التجارة البرية ولكن حتى في التجارة الداخلية في المدينة وأسهموا من خلال منتجاتهم بإنعاش حركة التجارة الداخلية في المدينة قديماً.

موقف القبائل من مشكلة المسابلة بين الكويت ونجد:
كان لبعض القبائل دور طيب في مشكلة المسابلة بين الكويت ونجد ، حيث يكمن هذا الدور لهم في أن مصالحهم تعارضت مع ابن سعود الذي ضيق على التجار المتعاملين مع الكويت عن طريق الموانئ النجدية.حيث كان هذا التبادل التجاري بين الكويت وتجار نجد منذ بدايات القرن الثامن عشر الميلادي واستمر حتى بعد وفاة الشيخ مبارك الصباح، وكانت العلاقات بين شد وجذب نظراً لوقف أمراء السعودية المتباين منها[150] .
وكان للحصار المتكرر من ابن سعود على تجارة الكويت مع نجد تأثير سلبي على مجموعة من القبائل التي سكنت البادية بين الكويت والسعودية مثل العجمان ومطير والعوازم والذين كانت تربطهم علاقات طيبة مع الكويت ومنذ فترة طويلة، وفي عام 1928م فرض ابن سعود حصاراً على تجارة الكويت مع الموانئ النجدية وهنا تجاهلت تلك القبائل الحظر المفروض من ابن سعود وقاموا بعمل ترتيبات المسابلة مع الكويت، حيث قام شيخ قبيلة العجمان بالتجارة على نحو بسيط مع الكويت من خلال أقربائه والعجمان المقيمين في الكويت، كما زارت الكويت في العام 1930م قوافل من حرب والعوازم ومطير وشمر والظفير حيث نشطت تجارة البلح والأرز في المدينة، الأمر الذي جعل ابن سعود يتراجع عن حصاره [151]. ومن خلال ظهور مشكلة المسابلة هذه تتضح لنا العلاقة الطيبة التي ربطت بين شيوخ الكويت والبدو ففي عام 1928م قام الشيخ أحمد الجابر بتوقيع اتفاقية مع قبيلة المطير بزعامة الدويش لحماية العريب دار القاطنين في بادية الكويت والذين يقعون ضمن رعاياه وضمن بذلك سلامتها من تعرض قبيلة مطير لها[152].
النتيجة التي نخلص بها من هذه المشكلة أن القبائل كان لها دور سياسي –اقتصادي في العلاقات بين أطراف القوة ذلك الوقت وتبين لنا حرص القوى على كسب ودهم تحقيقاً لمصالحهم.








الثروة النفطية وتوطين القبائل -البدو بعد ظهور النفط :
شكلت العائدات النفطية أحد العوامل الحاسمة في توطين البدو في الكويت لأنها كانت تمثل المصدر القوي الذي مكن الحكومة من إيجاد التمويل لمشاريع التوطين التي استوعبت البدو في المدن والعواصم[153].
كان لظهور النفط تأثير واضح على نمو الدولة لاسيما بعد دخول عدد كبير من القبائل في إطار المجتمع المدني الكويت في محاولة للإندماج الكلي في مكوناته، فتوطين البدو في الكويت بدأ في الستينات من القرن العشرين وهي ظاهرة جديدة على الحياة الإجتماعية في الكويت والتي ترتبط بالهجرة وانتشار البدو في العشيش[154].
ورغم أن وجود البدو يعود إلى التاريخ المبكر من نشأة الإمارة فكونوا نوع من التمازج مع أبناء المدينة ولكن بنسبة بسيطة و هذا يرجع في الأساس إلى إنخفاض عدد السكان في الكويت، ولكن بعد ظهور النفط شكلت هجرات البدو الكبيرة إلى داخل المدينة تغيراُ كبيراً في شكل التركيبة السكانية للدولة. و بدو الكويت بعد ظهور النفط انقسموا إلى مجموعتين الأولى كانت شبه مستقرة واعتمد نشاطها الإقتصادي على الزراعة والرعي وسكنت القرى والأطراف، أما المجموعة الثانية اعتمدت على التنقل الدائم فاستقر جزء منها قرب حقول النفط ثم استقرت في مناطق العشيش وكونت بذلك ظاهرة إجتماعية واضحة حتى منتصف السبعينيات.[155]
وكلما زاد عدد سكان البادية الذين تجذبهم مدينة الكويت زاد تخليهم عن نمط حياة البدو، فكانوا يستقرون في أماكن دائمة بالقرب من مقار عملهم في المدينة، وهناك عدد كبير منهم جاؤوا إلى المدينة وعملوا بها عدة أشهر مقابل أجور معينة فادخروا نقودهم لشراء أنواع معينة من وسائل النقل وقاموا بنقل الركاب و البضائع من المدينة والقرى البعيدة و هذا نوع من الإستثمار الذي مارسه البدو في نمط حياتهم الإقتصادي.[156] وكانت منطقة الشامية سابقاً قبل توسع المدينة منطقة تقتصر الإقامة فيها على البدو حيث استقرت بها أعداد كبيرة منهم [157]. و بدخول البدو إلى مجتمع المدينة بعد ظهور الثروة النفطية شاركوا أبناء المدينة في وظائف الحكومة حيث كان منهم الفراشون والحراس والجنود ورجال الشرطة والعمال في شركات النفط.[158] ومنذ العام 1957م شهدت الكويت – نظراً للتطور المستمر في كافة مجالاتها- نمواً في أعداد البدو سكانياً والذي لم يشمل زيادة أعدادهم بالتوافد على المدينة فقط وإنما شهدوا تحولاُ وظيفياً على صعيد طبيعة نمط الحياة[159] التي يعيشونها وبالتالي الإنتقال التدريجي الواضح من نمط البداوة إلى المدنية والتحضر. و بدو الكويت من الرشايدة لم يكونوا قد عرفوا معنى الاستقرار في المدينة حتى مع حصولهم على فرصة للعمل داخلها، حيث كانوا يقيمون في حي خاص بهم وشكلوا بذلك مستوطنة مبتعدين عن نمط البداوة كما أن بعض القبائل استقرت في مساكن دائمة بالقرب من مقر عملها[160]
ولقد بدأ البدو بأخذ موقعهم داخل المجتمع الكويت فبدأت عملية تحولهم من مجرد هجرات جماعية سكنت العشيش إلى مواطنين وذلك بعد عمليات التجنيس التي قامت بها الحكومة منذ العام 1957م- 1988م[161]. وهنا مارس البدو دورهم في جوانب الحياة المختلفة داخل المدينة وأصبحوا مواطنين. وبدأ نمط الإستيطان هذا مسيطر على هذه الفئة بدلاُ من التمركز القبلي لهم في العشيش وذلك من خلال دخولهم ضمن التنظيم الإسكاني للدولة[162]. والحقيقة أنه رغم حركة التجنيس التي قامت بها الحكومة إلا أنها ظلت متوقفه على القبيلة وأعيانها كونها المحدد- عند الدولة- لحصول أبناء البادية على هذا الإنتماء الوطني الرسمي" الجنسية" وهنا فإن دور الدولة واضح في دعم تمسك البدو بالقبلية وذلك للحصول على الإقامة وفرص العمل[163].
وعند تكوين المؤسسات كخطوة لبناء الدولة الحديثة في بداية الخمسينيات من القرن العشرين والتي تزامنت مع دخول البدو وهجرتهم التي تلت الثروة النفطية في الكويت، كان لهم بروز في هذا المجال حيث أن فرص العمل التي تتطلبها تلك المؤسسات تستدعي المزيد من العمالة، فلما كانت فرص العمل هذه تتصادم مع نمط حياتهم البدائي القائم على التنقل كما إنها تتنافى مع مستواهم الثقافي والتعليمي فقد تمكن البدو من تخطي تلك العقبات و ذلك بالإستقرار انسجاماً مع الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية التي شهدتها الكويت، وبالتالي فإن هذا الإستقرار وفر لهم وضعاً أفضل والحقيقة أن هذه المرحلة من حياة البدو تعتبر مرحلة مفصلية إذ إنها تتطلب منهم التكيف الإجتماعي من خلا التعامل مع المجتمع الحضري المستقر في بقعة جغرافية محدودة، وكخطوة من خطوات هذه التكيف بدأوا بالعمل ضمن مجالات تتفق وقدرتهم التعليمية ومهاراتهم فعملوا في شركات النفط في مهن شبه فنية مثل التنقيب والصيانة كما عملوا كسائقين وحراس فكان استقرارهم قرب حقول النفط في عدة مناطق وما لبثوا أن انخرطوا في سلك الوظائف الحكومية التي تتماشى وقدراتهم[164]. ولم تكن المؤثرات الاجتماعية الوحيدة في تحضر بادية الكويت وإنما كان للعامل الاقتصادي دوره في ذلك من حيث تأثيره على البدو من خلال دخولهم في مؤسسات ودوائر التوظيف والتي كانت محفزاً يربط البدو بالبيئة الجديدة ويتخلى عن بيئته الصحراوية[165]. وهنا نجد أن التغير الذي أحدثه البدو في المجتمع كبيراً وهو تغير جاء من خلال عملية تفاعل بينهم وبين الحضر مما أدى لظهور بناء اجتماعي ونسيج انسجم مع كافة المتغيرات التي شهدها المجتمع[166]. وفي خطوة لمحاولة البدو للإندماج مع المجتمع استقروا لأن دخول هؤلاء البدو الجدد للكويت سيشكل نوعاُ من التمازج الأولي مع البدو الساكنين في المدينة منذ وقت مبكر في خطوة للتمازج الكلي مع باقي المجتمع. ذلك لأن العناصر البدوية الجديدة القادمة من الصحراء تواجه ضغطاُ من العناصر البدوية القديمة الملازمة للأرض والتي سترغمها على الإستقرار والتحضر[167].
بين الانتماء القبلي والانتماء الوطني – "البدو والمواطنة" - الخلاصة :
في حين يحلو للبعض وصف البدو على أنهم مرتزقة نظراً لكثرة تقلبهم في الولاءات وتباين مواقفهم في الحروب التي خاضوها مع الكويت سواء معها أو ضدها؛ إذ يرى ناصر الفضالة في كتابه الحالة والحل ذلك، ويشير إلى أن تذبذب البدو (القبائل) في مواقفهم عبر التاريخ ينزع منهم أحقية المواطنة التي يراها الفضالة لاتليق بهم، مستشهداً على ذلك بعدة حوادث من تاريخ الكويت حيث يذكر خيانة بني هاجر وبني عتيبة ومرة في معركة الصريف عام 1901م والتي عاقبها إنقلاب العجمان على الجيش الكويت في نفس المعركة، وكذلك موقف قبيلتي المنتفق والظفير والتي حاربت مع مبارك في هذه المعركة ثم انقلبت ضده في هدية 1910م، وكذلك قبائل شمر التي حاربها مبارك ليرجع ابنه سالم ويستنجد بهم في معركة الجهراء عام 1920م، ولايقتصر وصف الفضالة لخيانات القبائل في تاريخ  الكويت فقط بل يتعداه ليصف مواقفها مع السعودية وذلك من خلال موقف كل من مطير والعجمان المتذبذب في ولائهم حيث تواجه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وأتباعه من مطير والعجمان مع جيش سعود بن عبدالعزيز بن رشيد في معركة جراب1915م والذي انتهى بانسحاب بن سعود فكان النصر حليفاً لإبن رشيد بسبب إنقلابات هذه القبائل.[168]
الحقيقة أن نظرية الفضالة هذه قائمة على مواقف سياسية تعارف تاريخياً على إتخاذها من قبل مجموعة كبيرة من البشر ذلك الوقت والتي اتخذت منها عرفاً شاع استخدامه في السابق، لأان طبيعة البشر في منطقة الجزيرة العربية ذات جذور قبلية وهذا ليس قصراّ على البدو أنفسهم. ولو إفترضنا صحة نظرية الفضالة التي توصل إليها في النهاية بعد وضع هذه الأدلة حيث يقول: "هذه الشواهد تؤكد ما وصلنا إليه: القبائل في تلك الفترة لم تكن ذات ولاء حقيقي يؤهلها إلى المواطنة الحقة."[169]
إذاً ماهو التفسير المنطقي الذي سيضعه الفضالة على موقف مشابه لهذا حدث في تاريخ الكويت وهو مايرويه سلوت في كتابه نشأة الكويت ولكن هذه المرة من قبل العتوب أنفسهم حيث يقول سلوت: "يضع لنا كنيهاوزن و نيبور عن وضع الكويت في الفترة من 1756م – 1766م حيث كانت الكويت حليفة لبني خالد أعداء العثمانيين وكان العتوب حلفاء للبصرة ضد بني كعب في 1761م ثم غيروا موقفهم بعد ذلك وتعاونوا مع بني كعب والفرس ضد حكومة البصرة العثمانية".[170] هذا الموقف يمثل إنقلاباً من قبل نظام سياسي كامل ضد أنظمة سياسية أخرى في الدول! والتاريخ خير شاهد على ذلك لأن النظرية التاريخية القائمة على المصالح تؤكد أن عدو الأمس ممكن أن يصبح صديق اليوم والعكس وهذا الشئ خاضع للعامل السياسي بدرجة كبيرة وكون البدو عبارة عن مجموعة من القبائل التي تربطها وحدة وعصبية من الطبيعي أن تكون لها نظام سياسي يتمثل في المواقف التي اتخذتها تلك القبائل في تعاملاتها مع القوة المختلفة.
كما أن مصادرنا المحلية بينت موقف القبائل بشكل واضح وبدون إخفاء حيث يصفونها تارةً بالخيانة وتارةً بالإنقلاب وهو أمر طبيعي والمصادفة أن من أبناء القبائل من روى ذلك بنفسه ولم ينكره وهو أحد الأدلة التي استخدمها الفضالة في دعم نظريته وهي شهادة من محمد بن حماده العجمي الذي شهد معركة الصريف عام 1901م إذ يقر فيها بإن هزيمة مبارك كانت بسبب أن معظم جيشه من البدو الذين فروا من المعركة. والحقيقة أن النص الذي وضعه الفضالة إعتماداً على رواية العجمي والتي ذكرها الشملان في كتابه إذ يقول الفضالة لم يبق معه إلا الحضر من أهل الكويت وقله من العشائر، الحقيقة أن هذا الدليل جاء على لسان شخص من البدو أنفسهم ففيه إعتراف ولم ينكره أحد ثم أن بقاء قله من العشائر مع مبارك لايعطي صفة الخيانة المطلقة للبدو كما وأن التأكيد على بقاء الحضر فقط لا ينفي بالضرورة هروب أحد منهم، ولكن كون البدو حزمة وعصبة لها قرار واحد مرتبط بشيخ القبيلة فإن التركيز الأكبر يكون عليهم بسبب عدم قدرة أحد أفرادهم على مخالفة كبارهم فهي مرتبطة معاً بتنظيم سياسي داخلي.
 كذلك من الأمثلة على إختلاف سياسية حكام الكويت مع الأطراف المختلفة هو علاقة شيوخها بابن رشيد ، ففي حين يقوم الشيخ عبدالله بن صباح بتقديم المساعدات لابن الرشيد في حربه ضد ابن سعود و يسهل له شراء الأسلحة عبر ميناء الكويت بالإضافة إلى العلاقة الحسنة التي كانت تربطه مع الشيخ محمد بن صباح، إلا أن ابن الرشيد قام بالإغارة على قبيلة العوازم في الصبيحية قرب مدينة الكويت مما دعا أهل الكويت للخروج ومواجهتهم[171]. نرى ابن رشيد كذلك يستهدف الكويت في معركة الصريف عام 1901م ويتخذ معه الشيخ مبارك سياسة مخالفة لمن سبقه. وهنا فإن هذا الإختلاف في السياسات يعتمد على نوعية المصالح التي تربط بين الأطراف فهي علاقات تحكمها الطبيعة البشرية النزاعة للحروب بدافع الطمع والسيطرة لذلك لا يمكن إلغاء مواطنة البدو بسبب تقلب مواقفهم لأن ذلك من طبيعة البشر والتاريخ خير شاهد. و كان تصادم المصالح بين كل من مبارك الصباح وابن سعود من خلال تقابل طموح تلك الشخصيتين القويتين فكل منهما يسعى للسيطرة و فرض الهيمنة على المنطقة ولكن الظروف حكمت تلك العلاقة ونقصد بها ظروف البادية - كونها المنطقة التي يسعى لها كل من الطرفين- اتسمت بعدم استقرارها حيث أن القبائل الموجودة لم تكن ثابتةً في ولاءاتها لأنها لاتمنحه للأرض وإنما للقبيلة ذاتها وهي ظاهرة متأصلة عند البدو[172]، كان لها دور في تحريك الأوضاع السياسية في المنطقة ذلك الوقت.
وهنا فإن عدم ثبات ولاءات البدو كان لها ميزة في خلق سياسات الدول. و تاريخ المنطقة حافل بعدد من التحالفات السياسية والتوزيع الجغرافي والإجتماعي للقبائل حيث أن عدد كبير من هذه القبائل لعب دوراً رئيسياً في تاريخ المنطقة[173].
إذاً فالولاءات المتقلبة التي يراها البعض سبباً في نزع المواطنة من البدو هي في واقع الحال قد لعبت دوراً سياسياً كبيراً في تاريخ المنطقة. والنتيجة التي نود التوصل إليها أن البدو متمثلين في القبائل لو لم تكن لهم أهمية في الأحداث السياسية وكانوا بالفعل مجرد مرتزقة لما أولى لهم أصحاب السلطة في المنطقة هذا القدر البالغ من الإهتمام ولم يحرصوا أشد الحرص على كسب ولاءاتهم ولما سعوا لكسب ودهم لا بالمال ولا بغيره، فالعدو الحقيقي (المرتزق) من الطبيعي أن يحارب وينفى بدلاً من أن يكرم بالمال والإسترضاء.وأن عصبية القبيلة التي ربطت بين أبناءها برابطة قوية محكمة لا يمكن إختراقها والتي حكمت على علاقاتهم مع القوى المختلفة تبعاً لما تقتضيه مصالحهم، هي في الحقيقة الهدف الذي سدد الحكام نحو الرمي فهو المنفذ لتحقيق مارغبوا من تطلعات على مدى التاريخ. فالقبيلة استغلت حرص الحكام على ولاءاتها في تغيرها وتسيرها (الولاءات) حسب مصالحها.
ويمكن القول بأن القبيلة السياسية في الكويت تكيفت وبنجاح مع المعطيات سواء السياسية أو الإقتصادية بما جعل مفهوم المواطنة والولاء عند الكويتين محصوراً في ولائهم للإمارة وشيخها[174].
والخلاصة التي نخلص فيها من هذا البحث أنه وعلى الرغم من الإندماج القبلي في مكونات المجتمع منذ النشأة الأولى في القرن الثامن عشر الميلادي ولغاية ظهورهم كهجرات ثانية أتت إلى الكويت مع ظهور الثروة النفطية في الستينيات من القرن العشرين؛ إلا أن البدو لازالوا يشكلون فئة لها وضعية خاصة في المجتمع كونها لازالت متمسكة بالعصبية رغم أن ظهور مفهوم الدولة في الكويت تطور وأصبحت تضم تحت جناحيها العديد من القبائل والأفراد من أنساب مختلفة، إلا أن التعصب للقبيلة مازال يأخذ طابعاً عنصرياً وعامل فرقة بين أفراد المجتمع وهو مفهوم يتناقض مع الولاء للوطن متمثلاً في المجتمع والمؤسسات ويخالف مبدأ الحياة المدنية[175]، وهناك من يرا أن عدم الإندماج الكلي للبدو داخل مجتمع المدينة إنما يعود إلى كونهم بالأصل هاجروا على شكل تكتلات ذات نظام إجتماعي معين[176]. لكن على الرغم من ذلك نجد دوراً فاعلاً للبدو في مجتمع المدينة منذ البواكير الأولى لنشأته.





     


 

الفهرس
الموضوع
الصفحة
تمهيد
4
من هم البدو ؟
5
العتوب- نشأة نظام سياسي في ضوء مؤثرات قبلية
6
البدو في التكوين الاجتماعي للمدينة
7-11
موروثات السلطة في الكويت وتداخلها مع الطبيعة القبلية "علاقة البدو بالسلطة الحاكمة"
11-13
مبارك الصباح والبدو-توظيف العلاقة في تحقيق أهداف السيادة
13-15
الفداوية-استخدام الخبرة الحربية في حرس الشيوخ الشخصي
15-16
دور البدو في الجانب الاقتصادي المرتبط بالمدينة
16-19
من قلب الصحراء إلى عرض البحر-البدو والغوص على اللؤلؤ
19-20
أهم نشاطات البدو داخل المجتمع الكويتي القديم
21-22
البدو والجمرك البري
23
التعاملات التجارية لأبناء البادية داخل المدينة- أسواق البدو
24
موقف القبائل من مشكلة المسابلة بين الكويت ونجد
25
الثروة النفطية وتوطين القبائل-البدو بعد ظهور النفط
26-28
بين الانتماء القبلي والانتماء الوطني-البدو والمواطنة – الخلاصة
28-30






قائمة المصادر والمراجع
المصادر:
1.     ابن خلدون، عبدالرحمن: مقدمة ابن خلدون، عبدالواحد كافي ، مصر، دار نهضة مصر ، ط3 ، د.ت، ج2

2.  أبو حاكمة، أحمد مصطفى: تاريخ الكويت الحديث والمعاصر، الكويت ، ذات السلاسل، 1984م
3.     الشملان، سيف مرزوق: تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي، الكويت ،1978م،ج2

4.     الشملان، سيف مرزوق:من تاريخ الكويت، الكويت،ذات السلاسل، ط2 ، 1986م

5.     القناعي،يوسف بن عيسى: صفحات من تاريخ الكويت، الكويت، ذات السلاسل، ط5، 1984م
6.  الكرود، إيمان عبدالرحمن: الدكتورة ماري في جزيرة العرب، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2009م
7.  خزعل، حسين خلف الشيخ: تاريخ الكويت السياسي، الكويت ، دار الهلال، م1962، ج1
8.     ديكسون، هـ.رب : الكويت وجاراتها ،ترجمة فتوح الخترش ، الكويت،ذات السلاسل،1995م

9.     سلوت،ب.ج:نشأة الكويت، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2003م

10.                        فريز، زهرة: كانت الكويت وطني ، ترجمة فتوح الخترش،الكويت، ذات السلاسل، ط 1997


المراجع :

1.     البدر، خالد: معركة الجهراء ما قبلها وما بعدها، الكويت، ط.1990

2.     الحاتم، موسى غضبان: تاريخ الشرطة في الكويت، الكويت،دار قرطاس ، 1999م

3.     الحاتم، عبدالله : من هنا بدأت الكويت ، الكويت، ط2 ، 1980م 

4.     الحجي ، يعقوب يوسف : النشاطات البحرية القديمة في الكويت ، الكويت ، مركز البحوث والدراسات الكويتية،2007م

5.     الحداد، محمد وآخرون : تراث البادية – مقدمة لدراسة البادية في الكويت، الكويت، 1986م

6.     الحسن، إحسان محمد : موسوعة علم الاجتماع ، الدار العربية للموسوعات

7.     الرشيدي، أحمد : الكويت من الإمارة إلى الدولة، الكويت ، دار سعاد الصباح، 1993م

8.     السعيدان، حمد: الموسوعة الكويتية المختصرة ، الكويت ، ج1، د.ت 

9.     الشمري،خلف بن صغير:المستودع والمستحضر في أسباب الخلاف بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم،الرياض،2006م

10.                        الصباح، ميمونة: الكويت حضارة وتاريخ، الكويت ، ط4، 2003م

11.                        الصباح، أمل يوسف العذبي وحمدي عزت: أنماط التغير في توزيع السكان وكثافتهم في دولة الكويت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2004م

12.                        الصبيحي، حسن قايد، الكويت إبحار في السياسة والتاريخ من 1756- 1992م،الكويت، د.ت

13.                        الغنيم، يعقوب يوسف:العدان بين شاطئ الكويت وصحرائها، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية،2001م 

14.                        الفضالة، ناصر محمد: الحالة والحل (فرضيات أولية لتصويب الصراع السياسي لأطره الاجتماعية)، الكويت،2010م

15.                        العثيمين، عبدالله : العلاقات بين الدولة السعودية الأولى والكويت، السعودية، د.ت  

16.                        العجمي، محمد منيف: العوامل المؤثة في المشاركة السياسية لدى الفئات الإجتماعية في المجتمع الكويتي، مصر، جامعة المنصورة، 2008م

17.                        العجمي، ظافر: جيش الكويت في عصر مبارك الصباح، الكويت ، ط1، 2000م  

18.                        الهاجري، عبدالله محمد : تطور العلاقة التاريخية بين آل الصباح والتجار في الكويت منذ النشأة وحتى عهد عبدالله السالم، الكويت ، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، 2009م

19.                        الهاجري، عبدالله محمد: مبارك الصباح وخزعل الكعبي-عوامل النجاح وتداعيات الانهيار(1896-1915م)،جامعة الكويت، 2010م 

20.                        الهاجري، عبدالله محمد ومحمد نايف العنزي: مدخل إلى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر،الكويت ، دار العروبة، ط2، 2007م

21.                        توث، أنتوني: القبائل والمحن –خسائر البدو في الصراعات السعودية العراقية على الأراضي الكويتية الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، 2005م


22.                        جبور ، جبرائيل: البدو والبادية – صور من حياة البدو في بادية الشام، بيروت، دار العلم للملايين، د.ت
23.                        صابر، محيي الدين ولويس مليكه: البدو والبداوة ، د.م، دار سرس الليان، 1966م


24.                      جمال، محمد عبالهادي: أسواق الكويت القديمة، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2004م
25.                        جمال، محمد عبدالهادي: الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية،2003م

26.                        حسين، عبدالعزيز: محاضرات عن المجتمع العربي بالكويت ، الكويت، دار قرطاس ، 1960م

27.                    عبدالمالك خلف: تاريخ الناس في منطقة الخليج العربي- دراسة في التاريخ الإجتماعي، الكويت، دار قرطاس، 2004م

28.                        عبدالمعطي، يوسف: الكويت بعيون الآخرين (ملامح من حياة مجتمع الكويت وخصائصه قبل النفط)، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية،2003م

29.                        قاسم، جمال زكريا: نشأت الجمارك الكويتية ودورها في تدعيم سيادة الكويت على منافذها،الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 200م

30.                        مصطفى، عبدالمجيد مصطفى وعثمان فيظ الله :دراسات عن الكويت والخليج العربي،مصر،د.ت








[1] جبور ، جبرائيل: البدو والبادية – صور من حياة البدو في بادية الشام، بيروت، دار العلم للملايين، د.ت، ص 32
[2] ابن خلدون، عبدالرحمن: مقدمة ابن خلدون، عبدالواحد كافي ، مصر، دار نهضة مصر ، ط3 ، د.ت، ج2، ص 469 وص473
[3] الحسن، إحسان محمد : موسوعة علم الاجتماع ، الدار العربية للموسوعات، ص 357
[4] صابر، محيي الدين ولويس مليكه: البدو والبداوة ، د.م، دار سرس الليان، 1966م، ص6
[5] إحسان محمد الحسن، المرجع نفسه ، ص 392
[6] يحيى الدين صابر ولويس مليكه: المرجع نفسه، ص 9
[7] المرجع السابق، ص 10
[8] المرجع السابق، ص 10
[9] الهاجري، محمد عبدالله: تطور العلاقة التاريخية بين آل الصباح والتجار في الكويت منذ النشأة حتى عهد الشيخ عبدالله السالم،  الكويت، المجلة العربية للعلوم الإنسانية،العدد 106|27، 2009م، ص58
[10] أبو حاكمة، أحمد مصطفى: تاريخ الكويت الحديث والمعاصر، الكويت ، ذات السلاسل، 1984م، ص22
[11] الصباح، ميمونة: الكويت حضارة وتاريخ، الكويت ، ط4، 2003م، ص 75
[12] الهاجري، عبدالله محمد ومحمد نايف العنزي: مدخل إلى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر،الكويت ، دار العروبة، ط2، 2007م،ص25
[13] الكرود، إيمان عبدالرحمن: الدكتورة ماري في جزيرة العرب، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2009م،ص100
[14]، عبدالله الهاجري ومحمد العنزي: مدخل إلى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر،الكويت ، دار العروبة، ط2، 2007م،ص33
[15] العثيمين، عبدالله : العلاقات بين الدولة السعودية الأولى والكويت، السعودية، د.ت، ص 76
[16] أبو حاكمة، المصدر نفسه، ص 33
[17] خزعل، حسين خلف الشيخ: تاريخ الكويت السياسي، الكويت ، دار الهلال، م1962، ج1، ص40
[18] خزعل، تاريخ الكويت السياسي، ج1،ص 44
[19] الصباح، ميمونة: الكويت حضارة وتاريخ، الكويت، 2003م، ص270.
[20] الصبيحي، حسن قايد، الكويت إبحار في السياسة والتاريخ من 1756- 1992م، د.ت، ص25.
[21] ميمونة الصباح، المرجع نفسه، ص271.
[22] الهاجري، عبدالله محمد: مبارك الصباح وخزعل الكعبي- عوامل النجاح وتداعيات الانهيار-دراسة مقارنة، الكويت، جامعة الكويت، 2010م، ص3
[23] الهاجري، عبدالله محمد : تطور العلاقة التاريخية بين آل الصباح والتجار في الكويت منذ النشأة وحتى عهد عبدالله السالم، الكويت ، جامعة الكويت، مجلس النشر العلمي، 2009م، ص7
[24]العجمي، ظافر: جيش الكويت في عصر مبارك الصباح، الكويت ، ط1، 2000م، ص 38
[25] الهاجري، عبدالله محمد: مبارك الصباح وخزعل الكعبي-عوامل النجاح وتداعيات الانهيار(1896-1915م)،جامعة الكويت، 2010م ، ص3
[26] الحداد، محمد وآخرون : تراث البادية – مقدمة لدراسة البادية في الكويت، الكويت، 1986م، ص 83
[27] الحاتم، عبدالله : من هنا بدأت الكويت ، الكويت، ط2 ، 1980م ، ص211
[28] عبدالله الهاجري ومحمد العنزي: مدخل إلى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر، ص 35
[29] السعيدان، حمد: الموسوعة الكويتية المختصرة ، الكويت ، ج1، د.ت، 183
[30] حسين، عبدالعزيز: محاضرات عن المجتمع العربي بالكويت ، الكويت، دار قرطاس ، 1960م، ص 63
[31] ظافر العجمي، المرجع نفسه ، ص 38
[32] محمد الحداد وآخرون ، تراث البادية،ص 121
[33] الشملان، سيف مرزوق:من تاريخ الكويت، الكويت،ذات السلاسل، ط2 ، 1986م، ص 102 و القناعي،يوسف بن عيسى: صفحات من تاريخ الكويت، الكويت، ذات السلاسل، ط5، 1984م، ص15
[34] الفضالة، ناصر محمد: الحالة والحل (فرضيات أولية لتصويب الصراع السياسي لأطره الاجتماعية)، الكويت،2010م، ص11
[35] ظافر العجمي، جيش الكويت في عصر مبارك الصباح، ص41
[36] المرجع السابق ، ص41
[37] محمد الحداد وآخرون ، تراث البادية، ص 122
[38] ناصر الفضالة ، الحالة والحل ، ص 11
[39] المرجع السابق ، ص11
[40] ديكسون، هـ.رب : الكويت وجاراتها ،ترجمة فتوح الخترش ، الكويت،ذات السلاسل،1995م،ص103
[41] ناصر الفضالة، المرجع نفسه، ص 11
[42] المرجع السابق، ص11
[43] الشملان، من تاريخ الكويت ، ص102 و القناعي،صفحات من تاريخ الكويت، ص15
[44] ناصر الفضالة، الحالة والحل ، ص 11
[45] المرجع السابق، ص11
[46] الصبيحي،حسن قايد: الكويت إبحار في السياسة والتاريخ (1756-1992م)،الكويت،د.ت، ص29و30
[47] حسين خزعل، تاريخ الكويت السياسي، ج1،ص34
[48] محمد الحداد وآخرون: تراث البادية، ص 86
[49] ناصر الفضالة:الحالة والحل، ص11
[50] حسين خزعل: تاريخ الكويت السياسي،ص34
[51] حسن الصبيحي ، الكويت إبحار في السياسة والتاريخ، ص123
[52] عبدالله الهاجري ومحمد العنزي، مدخل إلى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر،ص33
[53] المرجع السابق، ص 47
[54] الشملان، من تاريخ الكويت،ص116
[55] الصباح، ميمونة العذبي: الكويت حضارة وتاريخ ،الكويت،ط4،2003م،ص269
[56] أبو حاكمة، تاريخ الكويت الحديث والمعاصر، ص31
[57] الرشيدي، أحمد : الكويت من الإمارة إلى الدولة، الكويت ، دار سعاد الصباح، 1993م،ص41
[58] المرجع السابق،ص53
[59] المرجع السابق، ص41
[60] عبدالله الهاجري : مبارك الصباح وخزعل الكعبي،ص9
[61] حسن الصبيحي،المرجع نفسه، ص 29و30
[62] زهرة فريز، كانت الكويت وطني،ص115
[63] المصدر السابق، ص117
[64] عبدالعزيز حسين: المرجع السابق،ص64
[65] توث، أنتوني: القبائل والمحن –خسائر البدو في الصراعات السعودية العراقية على الأراضي الكويتيةن الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، 2005م، ص5
[66] أحمد الرشيدي: الكويت من الإمارة إلى الدولة، ص59
[67] عبدالله الهاجري: مبارك الصباح وخزعل الكعبي،ص15
[68] حسن الصبيحي:المرجع نفسه، ص147
[69] عبدالله الهاجري ومحمد العنزي: المرجع نفسه، ص 175
[70] الشملان:من تاريخ الكويت ،الفصل الخاص بسيرة مبارك الصباح وسالم المبارك -ص108
[71] حسين خزعل: تاريخ الكويت السياسي،ج1، ص42
[72] عبدالله الهاجري ومحمد العنزي، مدخل إلى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر،ص64
[73] أبوحاكمة، تاريخ الكويت الحديث والمعاصر،ص 307
[74] عبدالله الهاجري، مبارك الصباح وخزعل الكعبي، ص9
[75] الشمري،خلف بن صغير:المستودع والمستحضر في أسباب الخلاف بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم،الرياض،2006م،ص64
[76] المرجع السابق،67
[77] المرجع السابق، ص 59
[78] ظافر العجمي، جيش الكويت في عصر مبارك الصباح، ص 38
[79] ظافر العجمي، جيش الكويت في عصر مبارك الصباح ،ص38
[80] عبدالله الهاجري، مبارك الصباح وخزعل الكعبي ، ص9
[81] ظافر العجمي، جيش الكويت في عصر مبارك الصباح، ص187
[82] زهرة فريز، كانت الكويت وطني، ص115
[83] عبدالله الهاجري، مبارك الصباح وخزعل الكعبي،ص16
[84] عبدالمجيد مصطفى وعثمان فيظ الله :دراسات في الكويت والخليج العربي، ص264
[85] الحاتم،موسى غضبان: تاريخ الشرطة في الكويت، الكويت،دار قرطاس ، 1999م،ص18
[86] المرجع السابق، ص18
[87] المرجع السابق، ص 19
[88] عبدالله الهاجري ومحمد العنزي، مدخل إلى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر، ص345
[89] موسى الحاتم،تاريخ الشرطة في الكويت، ص19
[90] المرجع السابق، ص19
[91] محمد الحداد وآخرون، تراث البادية، ص 82
[92] عبدالعزيز حسين، محاضرات عن المجتمع العربي بالكويت،ص63
[93] المرجع السابق، ص 63
[94] المرجع السابق، ص 63
[95] ميمونة الصباح : المرجع نفسه، ص 278وص279
[96] حسين خزعل: تاريخ الكويت السياسي،ج1، ص18
[97] خلف بن صغير الشمري، المستودع والمستحضر، ص21
[98] أبوحاكمة: المصدر نفسه، ص297
[99] ميمونة الصباح: المرجع نفسه، ص 277
[100] أبو حاكمة، المصدر نفسه، ص 282وص283
[101] قايد الصبيحي، المرجع نفسه، ص 123
[102] أبو حاكمة: المصدر نفسه، ص 31
[103] المصدر السابق، ص31
[104] المصدر السابق، ص31
[105] سلوت،ب.ج:نشأة الكويت، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2003م،ص145
[106] أبو حاكمة: المصدر نفسه، ص275
[107] عبدالله الهاجري ومحمد العنزي : المرجع السابق ، ص60
[108] أبوحاكمة: المصدر نفسه، ص292
[109] المصدر السابق، ص 293
[110] أبو حاكمة،:المصدر نفسه، ص293
[111] جمال، محمد عبدالهادي: الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية،2003م، ص544
[112] المرجع السابق، ص 544
[113] عبدالمعطي، يوسف: الكويت بعيون الآخرين (ملامح من حياة مجتمع الكويت وخصائصه قبل النفط)، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية،2003م،ص89
[114] ميمونة الصباح : المرجع نفسه، ص279
[115] ميمونة الصباح: المرجع نفسه، ص285
[116] الحجي ، يعقوب يوسف : النشاطات البحرية القديمة في الكويت ، الكويت ، مركز البحوث والدراسات الكويتية،2007م،ص49
[117] عبدالعزيز حسين : المرجع السابق، ص64
[118] الرشيدي، أحمد: الكويت من الإمارة إلى الدولة،الكويت ،دار سعاد الصباح،1993م، ص49
[119] يعقوب الحجي : المرجع نفسه ، ص 49
[120] محمد عبدالهادي جمال:الحرف والمهن، ص110
[121] الشملان، سيف مرزوق: تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي، الكويت ،1978م،ج2، من ص187-195
[122] محمد عبدالهادي جمال:الحرف والمهن، ص110
[123] الشملان، من تاريخ الكويت ، ص151
[124] المصدر السابق، ص156
[125] الشملان: من تاريخ الكويت،ص156
[126] الشملان: من تاريخ الكويت، ص156
[127] محمد عبدالهادي جمال: النشاطات البحرية، ص168
[128] المرجع السابق، 168
[129] المرجع السابق،ص379
[130] المرجع السابق، ص381
[131] المرجع السابق، 388وص389
[132] المرجع السابق، ص552
[133] الغنيم، يعقوب يوسف:العدان بين شاطئ الكويت وصحرائها، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية،2001م،ص32
[134] محمد عبدالهادي جمال:الحرف والمهن،ص553
[135] المرجع السابق، ص553
[136] المرجع السابق، 558
[137] المرجع السابق، 558
[138] قاسم، جمال زكريا: نشأت الجمارك الكويتية ودورها في تدعيم سيادة الكويت على منافذها،الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 200م، ص24- ص25.
[139] المرجع السابق، ص25.
[140] محمد عبالهادي ، جمال، المهن والحرف، ص383.
[141] جمال، محمد عبالهادي: أسواق الكويت القديمة، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2004م، ص64.
[142] المرجع السابق، ص64.
[143] المرجع السابق، ص65.
 [144] المرجع السابق، ص65.
[145] محمد عبدالهادي جمال:أسواق الكويت القديمة، ص182
[146] المرجع السابق، ص192
[147] المرجع السابق، ص191وص192
[148] المرجع السابق، ص195
[149] المرجع السابق، ص184
[150] عبدالله الهاجري ومحمد العنزي: مدخل إلى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر،ص202
[151] توث ،انتوني : القبائل والمحن (خسائر البدو في الصراعات السعودية العراقية على الأراضي الكويتية)، الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، 2005م، ص13 وص14
[152] المرجع السابق، ص14
[153] حسن الصبيحي، المرجع السابق، ص145.
[154] العشيش: سكن عفوي مرتجل قريب من المدينة ناتج عن هجرة بدوية بين المناطق الحضرية لأسباب إقتصادية/ التميمي، عبدالمالك خلف: تاريخ الناس في منطقة الخليج العربي- دراسة في التاريخ الإجتماعي، الكويت، دار قرطاس، 2004م، ص60.
[155] محمد الحداد وآخرون، المرجع السابق، ص 121.
[156] زهرة فريز، المصدر السابق، ص118.
[157] المصدر السابق، ص119.
[158] حمد السعيدان، الموسوعة الكويتية المختصرة، ج.1، ص182.
[159] الصباح، أمل يوسف العذبي وحمدي عزت: أنماط التغير في توزيع السكان وكثافتهم في دولة الكويت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، الكويت، مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2004م، ص9.
[160]زهرة فريز، المصدر نفسه، ص119.
[161] ناصر الفضالة، الحالة والحل، ص20.
[162] العجمي، محمد منيف: العوامل المؤثة في المشاركة السياسية لدى الفئات الإجتماعية في المجتمع الكويتي، مصر، جامعة المنصورة، 2008م، ص176.
[163] المرجع السابق، ص176.
[164] محمد الحداد وآخرون، المرجع نفسه، ص125- ص126.
[165] حسن الصبيحي:المرجع نفسه، ص145
[166] محمد الحداد وآخرون: المرجع نفسه، ص131
[167] جبرائيل جبور، المرجع نفسه، ص 34.
[168] ناصر الفضالة، المرجع نفسه، ص19- ص20.
[169] المرجع السابق، ص22.
[170] سلوت، نشأة الكويت، ص171.
[171] خلف بن صغير الشمري، المرجع نفسه، ص32- ص33- ص34.
[172] البدر، خالد: معركة الجهراء ما قبلها وما بعدها، الكويت، ط.1990، ص27.
[173] عبدالمالك التميمي، المرجع نفسه، ص57.
[174] عبدالله الهاجري: مبارك الصباح وخزعل الكعبي، ص15.
[175] محمد منيف العجمي، المرجع نفسه، ص176.
[176] عبدالمالك التميمي، المرجع نفسه، ص63.

هناك 3 تعليقات:

  1. تحليل جميل لتاريخ البدو فى الكويت , وان كان هناك جزء كان بودى ان اراه يعرض وهو ما يتعلق بعلاقه البدو بالقبيله حيث ان البداوة ليست اصل او انتماء انما نمط معيشه والقبيلة هى تنظيم اجتماعى ,,,

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا وسهلا دكتور
      ملاحظة مهمة ولي كتابات أخرى في هذا الموضوع لاحقا
      شكرا

      حذف
  2. سقا الله ايام البساطه ...
    الكويت هو اول من اسكن البدو المدن ... وعلمهم وساعدهم بعد الله الحياه الكريمه ... بعيدا عن الحل والترحال ... وخاصة القبائل المتواجدون في المنظقه .

    ردحذف