بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مايو 2013

نهاية الوجود البرتغالي في منطقة الخليج العربي- من كتاب أرنولد ويلسون " تاريخ الخليج العربي الحديث"

قراءة من كتاب تاريخ الخليج ل ويلسون
عنوان الفصل : طرد البرتغاليين من الخليج- الفصل السادس


إعداد الباحثة : آلاء وليد المنصور

 طرد البرتغاليين من الخليج:
1- لقد واجه البرتغاليون عدة أخطار أثناء سيطرتهم على الخليج العربي؛ وتلخصت تلك الأخطار في :
·      دخول الإنجليز في تجارة قوية مع فارس وتدعيم مركزهم فيها
·      نشاط فارس التجاري سواء داخل فارس نفسها أو مع ما جاورها من مناطق وبالأخص ميناء هرمز وهو أحد أهم الموانئ والذي كانا محاطاً بعدد من الجزر التي توفر لهرمز الحاجة من المواء والمواد الغذائية
2- في العام 1618م وكنتيجة لشعور البرتغاليين بهذا الخطر المحدق بهم من قبل فارس والانجليز بعث الملك فيليب رسالة إلى نائب الملك البرتغالي في جوا في الهند يطلب منه تشديد وتقوية وسائل الدفاع عن هرمز وقد قام البرتغاليون بهذه الخطوة فعلاً
3- ومن الجانب الفارسي فقد كان شاه عباس على علاقة طيبة مع تركيا منذ العام 1618م حيث أخضع إقليم لار لسلطته ولكن في العام 1621م أحس شاه عباس بقوة قد تكون قادرة على القضاء على الوجود البرتغالي في هرمز حيث ان وضع هرمز تحت السيطرة البرتغالية يهدد من قوة شاه عباس ويؤثر على ازدهار بلاده
4- لقي الشاه عباس تشجيعاً من السير انطوني شيرلي لهذه الخطوة وقد كان السير انطوني قد منع الشاه من عقد تحالفات مع الدول الأوروبية في مقابل المساعدات العسكرية ضد الأتراك وأشار عليه بضرورة تركيز سلطته داخل البلاد
5- وعندما توجه الشاه بأنظاره إلى نحو هرمز أرسل بخطته إلى حاكم إقليم لار وذلك في العام 1621م لكن الحاكم رفض معللاً أن هرمز تابعة لجزيرة لار حتى من قبل وصول البوكيرك لها وعندها رفض البرتغاليون طلب الشاه بشكل قاطع
6- بعد رفض البرتغاليين طلب الشاه دخلوا مع الفرس في حرب كان الفرس فيها الجانب الأضعف إذ أنهم كانوا غير قادرين على مواجهة البرتغاليين بأعمال حربية فكانوا يفتقرون إلى قوة حربية تمكنهم من إنشاء حامية عسكرية مسلحة بالجنود لإحكام قبضتهم على على هرمز علاوة على ضعف إمكاناتهم المدفعية، كما أن سفن روي فرير كانت هي المتصرفة بمياه البحر
7- بدأ الفرس عملياتهم العسكرية بضرب جزيرة قشم وفرض الحصار على قلعتها وذلك لضمان وصول المياه والمؤن إلى هرمز وهنا بدت الفرصة لحاكم شيراز قولي قائد تلك العمليات الحربية بالنصر ولكن جانبه كان ضعيف    
8- في هذه الأثناء وصل أسطول من السفن الانجليزية التي كانت في رحلة تجارية إلى سوراث وجاشك ولكن الخان الذي كان في ميناب طلب من قائد الأسطول الانجليزي الاشتراك معه في الهجوم على كل من قشم وهرمز مقابل عدة إغراءا كاما أنه هددهم في حال عدم مساعدته بأن تسحب كل الامتيازات الممنوحة لهم وتعاد مصادرة بالالت الحرير المقرر وصولها من أصفهان لحساب الانجليز ، وهذا كان سبب موقف الشاه الودي من الانجليز
·      ملاحظة: موقف الشاه الودي من الانجليز لابد وأنه كانت تحكمه مصالح سياسية قبل المصالح التجارية حيث أن رغبة الشاه كانت كبيرة في كسب ود الانجليز ليكونوا عوناً له ضد البرتغاليين
9- واجه الانجليز عدة أخطار حيث وجدوا أنفسهم متورطين وذلك يتضح لنا من خلال:
         أ‌-        كلف مجلس غدارة الشركة في سوراث القائد الانجليزي بمحاولة الاستيلاء على السفن البرتغالية ومهاجمتها في الموانئ وذلك بعد انتشار أعمال التهديد والسلب والنهب من الجانب البرتغالي وهذا طبعاً في حال موافقة مجلس ضباط الأسطول
     ب‌-     حدث هجوم على ممتلكات أحد الأمراء الوروبيين والذي كان على علاقة طيبة مع الانجليز
     ت‌-     تم توجيه السفن البريطانية ضد حاميتين برتغاليتين قويتين بالإضافة إلى سفن القائد البرتغالي روي فرير
     ث‌-     لم يبد المركز الرئيسي في لندن التعاون في تلك الهجمات حيث كان يعارض القيام بأية أعمال حربية من دون أن يكون هناك تهديد مباشر لأعضاء الشركة
      ج‌-      كذلك وأنه في رفض الانجليز التعاون مع الفرس سيكون ذلك بمثابة الخسارة للشركة حيث ستخسر حمولتها من الحرير علاوة على ضياع تجارتها، وبعد مفاوضات ووقوفاً عند رأي سنوكس تقرر تدخل كبير ممثلي الشركة في فارس ومن ثم وضع حد نهائي للتهديد البرتغالي في الخليج

·     الاتفاقية الانجليزية الفارسية:
10-إن الاتفاق بين الفرس والانجليز بخصوص العمليات العسكرية ضد البرتغاليين ( حسب رأي هربرت) تتمحور فيما يلي :
·      في حال احتلال هرمز ستكون بكل ما تحوي من ذخيرة ومدفعية من نصيب الانجليز وأن الفرس سيقومون بإنشاء حامية أخرى لهم على نفس الجزيرة وعلى نفقتهم
·      تقسم الغنائم بالتساوي على الطرفين
·       بالنسبة للأسرى فإن الأسرى المسيحيين سيتم التعامل معهم من قبل البريطانيين أما الأسرى العرب سيتم التعامل معهم من قبل الفرس
·      يتكلف الفرس بدفع نصف تكاليف العمليات الحربية والأجور والذخيرة- على الأقل- في حين يتمتع الانجليز في بندر جمبرون بالإعفاء من الرسوم الجمركية
11- وبعد توقيع الاتفاقية بين الفرس والبريطانيين أصبح كلا الطرفين على أهبة الاستعداد لخوض المعركة مع البرتغاليين، ولكن ظهرت بعض العراقيل في إقناع البحارة الانجليز في الاشتراك في العملية العسكرية ضد البرتغاليين معللين ذلك بأنها ليست عملية تجارية حتى يشتركوا فيها ؛ ولكن بعد اقناعهم بدفع راتب شهري مقابل ذلك وافقوا على الاشتراك
12-في العام 1622م حصلت المواجهة بين كل من الفرس والانجليز من جانب وبين ضد البرتغاليين في الجانب الآخر حيث انطلقت السفن الانجليزية من جاشك بينما كان الأسطول البرتغالي يرسو بالقرب من الحامية
13-بعد ذلك انتقل الأسطول الانجليزي إلى قشم حيث رسا بالقرب من قلعة روي البرتغالية بعد امتناع البرتغاليين عن المواجهة بادئ الأمر وكانوا تحت قيادة روي فرير وعندما ضغط الفرس على البرتغاليين من الجهة البرية هجم الأسطول الانجليزي على البرتغاليين من ناحية البحر وهنا ومع تضييق الخناق على البرتغاليين اضطروا إلى الاستسلام واقتيد روي فرير وكبار مساعديه إلى الأسر، كانت الخسائر الانجليزية بسيطة فيما عدا مقتل قبطان السفينة (لندن) وهو وليم بافن الذي كان ملاحاً بارعاً وهو من اكتشف خليج بافن
14-أقيمت حامية فارسية في قلعة قشم بمشاركة أربعة من الانجليز ثم انتقل السطول إلى جمبرون للدخول في العملية الكبرى وهي مهاجمة هرمز فيما ذهب روي فرير والأسرى إلى سوراث
15-أبحرت السفن الانجليزية ومعها 200 مركب فارسي من جمبرون ورست قرب هرمز وفي اليوم التالي أنزلت قوة عسكرية فارسية برية كبيرة يقودها إمام قولي واحكمت قبضتها على الجزيرة وطردت البرتغاليين من القلعة التي كانت محصنة إلى داخل البحر
16-وفي الرابع والعشرين من فبراير أحرقت القوات الانجليزية أكبر السفن البرتغالية وهي (سان بيدرو)؛ أما القوات الفارسية فدمرت خطوط دفاع البرتغاليين الذين قاوموا بشدة ثم أشعلت النار في المدينة نظراً لتمادي الفرس في المدينة حيث توجهوا إلى اللهو والتسكع
17-واجه الفرس مصاعب عدة منها قلة المواد الغذائية ونقص في المياه ولو تمكن البرتغاليون من المقاومة والدفاع عن المدينة  لهزم الفرس وذلك بسبب قلة الماء والطعام
18-ظهر التزعزع في الصفوف الانجليزية والفارسية على حد سواء حيث وذلك بسبب نقص المواد التموينية عند الفرس وضعف استعدادهم الحربي وذلك من ناحية الأسلحة والتي لم يكن لديهم سوى القليل منها، ثم إن الصفوف الانجليزية كانت قد واجهت خيانات من قبل القائد الفارسي الذي كان قد عقد عدة اجتماعات مع البرتغاليين دون علم الانجليز كما أنه ارتكب عدة مخالفات
19-أما من الناحية البرتغالية فقد بدأت الحامية البرتغالية بالضعف وذلك بعد انتشار الأمراض ونقص المواد التموينية ولكن على الرغم من ذلك أبدى البرتغاليون المقاومة إلا أن القوات المتحالفة وهم الفرس والانجليز كانوا قد نجحوا في اختراق قوة الحامية الخارجية الأمر الذي اضطر معه البرتغاليون للتراجع إلى الداخل
20-في 21 من إبريل حاول البرتغاليون الاتصال مع الانجليز عن طريق خطاب موجه من قائد الحامية يطلب فيه وساطة الانجليز مع القائد الفارسي وأنهم على استعداد للاستسلام للانجليز فقط ذلك لأن استسلامهم للشرقيين غير لائق مع وجود الانجليز
21-سلّم البرتغاليون أنفسهم إلى الانجليز واشترطوا إرسالهم إلى مسقط أو الهند وتم إنزال العلم البرتغالي من قلعة البوكيرك بعد أن كان يرفرف عليها لمدة 100 عام
22-ولقد مني كل من الجانب الانجليزي والفارسي بعدد من الخسائر، أما طاقم الحامية البرتغالية فقد تم إرساله إلى مسقط وصحار وقد أصيب عدد كبير منهم بالمرض والمجاعة وكانوا في حالة سيئة جداً
23-بعد استسلام الحامية البرتغالية بدأت عليها عمليات السلب والنهب وختم مخزن الذخيرة والأسلحة والأموال بالشمع الأحمر
24-عاث الفرس فساداً واخترقوا الاتفاقية بينهم وبين الانجليز فاعتدوا على الكنائس والمباني كما تمادوا في السرقة والنهب وكذلك الحال بالنسبة للانجليز
25-وخلافاً للاتفاقية الانجليزية الفارسية لم تقسم غنائم هرمز بالتساوي بين الطرفين فقد استولى الفرس على النصيب الأكبر من الغنائم بينما حصل الانجليز على نصيب الشركة ولم يستطيعوا تصريفه وذلك لقلة المشترين كما رفض الفرس اقتسام المعدات الحربية مع الانجليز بحجة الاحتفاظ بها في القلعة للدفاع المشترك كما لم يسمحوا لأي انجليزي من القيام بتخصيص سفينة للحماية، وبعدها قدموا للانجليز فاتورة للمياه والمواد الغذائية التي استهلكوها
26-إن من أهم النتائج التي تعاقبت على الانجليز بعد فتح هرمز هي:
·      إعادة هرمز إلى أصحابها الذين اعترضوا أساساً على مشاركة الانجليز
·      لم يحظ الانجليز بأية غنائم وحتى النفقات الفعلية التي قدموها لم يلقوا لها عوضاً
·      بفتح هرمز اكتسب الانجليز أعداءً وهم البرتغاليين إذ باتوا من ألد أعداء الانجليز
·      انتعشت الحركة التجارية في هرمز بشكل كبير أكثر من لندن وأمستردام
·      خسارة الشركة الهندية الشرقية البريطانية تعاون الأسبان معها بسبب احتجاج الأسبان على العملية العسكرية التي قام بها الفرس والانجليز منذ البدء ومن ثم لم توافق الحكومة الأسبانية على التعاون مع الشركة
·      خسارة كبيرة لشركة الهند الشرقية البريطانية حيث قدم الانجليز اعتذاراً لملك أسبانيا حتى اضطرت الشركة لإرضاء الملك وذلك بتقديم هدية له قيمتها عشرة آلاف جنيه إسترليني وعشرة آلاف أخرى للقائد العام ( ديوك باكنجهام) بالإضافة إلى منحة رسمية على شكل سلع ومواد التي استولى عليها موظفوا الشركة في الهند الشرقية وأصدر عفو عام عن جميع من اشترك بالعمليات العسكرية
·        وجد الانجليز من ميناء هرمز فائدة أكبر من ميناء جاشك بعد ضعف السلطة البرتغالية على الخليج بسقوط هرمز
·      لم يبد الانجليز تعاوناً مع الفرس في التوجه إلى مسقط حيث أن الفرس وجهوا أنظارهم إلى مسقط فور استيلائهم على هرمز فكانوا يرغبون في السيطرة على مسقط كونها آخر الحصون البرتغالية 
27-بعد ذلك احتل الفرس صحار و خورفكان على الساحل العماني وهرب القائد البرتغالي روي فرير؛ وهنا ظهر امتناع الانجليز عن مساعدة الفرس في فتح هذه المناطق ونظراً لقلة إمكانات الفرس الحربية وعدم استعدادهم تمكن البرتغاليون من الدفاع ضد الفرس وأبدوا مقاومة شدية حيث طردوا الفرس من صحار وخورفكان ودمروا بعض المناطق على الساحل الفارسي بين جاشك وجمبرون كما اعترضوا السفن الفارسية في مياه الخليج وقطعوا المؤن عن هرمز لكنهم لم يتمكنوا من الاستمرار إذ أن إمكانات روي فرير ضعيفة خاصة بعد سقوط معظم الحصون البرتغالية الأمر الذي حال دون إحكام قبضتهم على هرمز
28-حوّل البرتغاليون هرمز إلى مدينة مقفرة بعد أن كانت ميناء من أهم الموانئ التجارية وذات نشاط كبير
29-واصل البرتغاليون احتلال هرمز من خلال حامية صغيرة إلى أن تم طردهم منها نهائياً من خلال أسطول مشترك بين الانجليز والهولنديين وذلك في عام 1625م
ملاحظة: لماذا حوّل البرتغاليون هرمز إلى ميناء قليل النشاط التجاري على الرغم من أن هدفهم كان السيطرة على الموانئ التجارية الحساسة في مياه الخليج ومن ثم السيطرة على التجارة الشرقية؟؟
30-رغب ملك الفرس في جعل ميناء جمبرون الميناء الرئيسي فصرف نظره عن هرمز وهدم المنازل وأمر بعد البقاء فيها
31-اعتد شاه عباس بالنصر الذي حققه في هرمز وكان يضع الخطط لإنشاء ميناء بحري كبير فيها واختار مدينة جمبرون وأطلق عليها اسمه ( بندر عباس) وبذلك حوّل تجارة وسكان الميناء القديم هرمز إلى ميناء جمبرون الجديد وهو ميناء بندر عباس ، كما سمح لشركة الهند الشرقية باحتلال عدد من المباني فيها وعددهم اثنان غير أنه لم يسمح لهم ببناء مساكن خاصة لهم خوفاً من تحويلها إلى قلاع في وقت لاحق
32-وجد الانجليز من جمبرون ميناء مهم لنقل منتجاتهم إلى فارس بطريقة أسهل من نقلها عبر جاشك وبهذا أصبحت جمبرون أو بندر عباس مركز الثقل الرئيسي لشركة الهند الشرقية البريطانية على سواحل الخليج العربي لمدة قرن ونصف.
 خلاصة: البرتغاليون طردوا من الخليج العربي على يد تحالف بين الانجليز والفرس؛ بينما يسيطر الوجود الانجليزي على مياه الخليج، نلاحظ هنا أن فارس لعبت دور المدبر والمخطط لخروج البرتغاليين بينما طبق الانجليز ما كانت تنويه فارس وذلك لتوافق المصالح بينهما ورغبتهما في طرد القوة البرتغالية من الخليج والتي باتت تهدد كلا الكيانين
ملاحظة: يبدي المؤلف تحيزاً واضحاً للأوروبيين على حساب العرب والفرس
ملاحظة: الاستيلاء على مياه الخليج بعد البرتغاليين ظاهره انجليزي لكنه في الواقع كان بتدبير من الفرس!  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق