بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 مايو 2013

نقد كتاب : صفحات من تاريخ الكويت لـ يوسف بن عيسى القناعي

قراءة لكتاب :صفحات من تاريخ الكويت
للمؤلف: يوسف بن عيسى القناعي

إعداد الباحثة: آلاء وليد المنصور
















بسم الله الرحمن الرحيم
من خلال قراءتي لكتاب (صفحات من تاريخ الكويت) ليوسف بن عيسى القناعي وجدت هذا الكتاب يعطي لمحة عن تاريخ الكويت بشكل بسيط مركزاً على الجوانب الاجتماعية في ذلك الوقت ويهمل الجوانب السياسية والتي كان لها أكبر الأثر في تحريك الأحداث وخلق تاريخ للكويت كان مختلفا عمن أحاطها من دول،وذلك لأن الظروف السياسية التي عاشتها كانت الكويت كانت مغايرة عمن أحاطها.
وإذا كان الرشيد قد حصر تاريخ الكويت السياسي في عهد مبارك الصباح،فإن القناعي قد اختزل تاريخ الكويت في الفترة من عهد الشيخ صباح الأول إلى مبارك فقط ولم يؤرخ بعده إلا جوانب اجتماعية لم يكن لها دور واضح في تاريخ الكويت،رغم أنه عايش تلك الأحداث وسمع عنها وكان معاصرا لها.
ونحن إذ طلب منا نقد هذا الكتاب،فمحاولتنا لاتعدو عن كونها خطوات بسيطة لباحث مبتدئ يحاول قراءة هذه السطور بشئ من الموضوعية للوصول إلى أمثل طريقة للنقد بعد التوجيه والمتابعة ولاترقى – بأي حال من الأحوال- لمناطحة الأسماء الأولى التي كتبت تاريخ الكويت وكان لها السبق في حفظ تاريخنا. والملاحظات على الكتاب هي كالتالي.
جاء أسلوب الكاتب بسيط جدا ومقتضب في تفصيل الحوادث ورغم أنه نقل معظمها من أفواه من عاشوها إلا إنه غفل الأوضاع السياسية الهامة آنذاك فكان كتابه نسخة مبسطة من كتاب الرشيد مع عدم الالتفات إلى الجانب السياسي  والتأكيد على الجانب الاجتماعي بصورة قللت من أهمية هذا الكتاب على الصعيد التاريخي.
في بداية حديث المؤلف عن الكويت والتاريخ المحدد لنشأتها يقول ص11:"وقد ذكر في تاريخ العراق الحديث (أن الحكومة أمرته-براك بن عريعر-أن يأخذ الإحساء من محمد باشا فلم يجد صعوبة في أخذها ورأى من المناسب أخذها لنفسه) فمن هذه العبارة استدل أن الباني هو براك وأن البناء قد يكون في آخر سنة 1100هـ (1688م)"،هنا استخدم المؤلف أسلوب الاستدلال في تعيين الباني الحقيقي للكوت ثم يخمن أن تكون السنة 1100هـ، ورغم أن الرشيد ذكر هذا التاريخ في كتابه كأحد الآراء دون ترجيح إلا أن القناعي لم يرد دليلا على صحة هذا التاريخ وفي ذلك فإن  الهاجري يورد هذا التاريخ في كتابه (مدخل إلى تاريخ الكويت الحديث والمعاصر) نقلا عن القناعي ولكنه يعلق بأن القناعي لم يذكر سببا في ترجيحه هذا التاريخ. ولكن الهاجري يورد العديد من الآراء حول تاريخ محدد لنشأة الكويت مستندا إلى أدلة تاريخية –يرجح أحدها 1613م-وهي آراءلاتتفق مع ما ذكره القناعي والرشيد. وهنا فإن رأي القناعي حول النشأة والذي لايستند إلى دليل قد يكون موضع شك.
ويمضي المؤلف في كتابه حيث يتناول جوانب من حياة المجتمع الكويتي آنذاك ومنها الصحة والنظافة وعدم أهميتها للمجتمع الذي وصفه بالبداوة، ويجمع المؤلف بين جانبين اجتماعيين إذ يقول ص13:"والأمراض الفتاكة نادرة فيها ولذلك لما حدث الطاعون جعلوا لحدوثه تاريخا"، فهو يجمع بين جانب الصحة والحضارة من حيث تأريخ الحوادث.
وفيما يخص الزراعة في الكويت يورد القناعي ما ذكره الرشيد سابقا من أن الكويت أرض زراعية ولكن العلة نقص المياه، حيث يقول القناعي ص13:"أرض الكويت صالحة للزراعة بجميع أنواعها وإنما العلة هي قلة الماء الصالح للزراعة"، أما الرشيد فيقول في كتابه ص42:"وأرضها صالحة للزراعة لايعوزها إلا الماء والأيدي العاملة"
والمعروف أن أرض الكويت أرض صحراوية جافة ذات تربة رملية غير مناسبة للزراعة، وهذا مايقوله الهاجري في كتابه ص16:"وأرض الكويت ذات طبيعة صحراوية قاحلة والجزء الصالح منها للزراعة محدود للغاية"، وهنا تظهر البساطة لدى كل من الرشيد والقناعي-ترجع إلى بساطة المجتمع ذلك الوقت- في عدم تفسير الظواهر الطبيعية تفسيرا منطقيا. وفي حديث القناعي عن أول من سكن الكويت يلفت النظر إلى نقطة عندما يقول ص15 :"سكن الكويت قبل آل الصباح وجماعتهم لفيف من البدو وصيادي السمك ثم آل الصباح وآل خليفة والزايد والجلاهمة والمعاودة"، وهنا يفصل القناعي في أسماء هذه القبائل في حين يكتفي الرشيد بقوله ص19:"كانت الكويت قبل نزول آل الصباح أرض قفراء لايسكنها إلا لفيف من العشائر التابعة لابن عريعر"، بينما الهاجري لايورد في كتابه وجودا لجماعات بشرية أصلا على أرض الكويت إذ يقول ص32-33:"فكانت محطتهم الأخيرة-آل الصباح- هي الكويت بعد أن استقروا فيها بعد الاستئذان من بني خالد الذي كان نفوذهم ممتدا من الإحساء إلى جنوب البصرة"كما يقول ص24:"وعندما نتكلم عن نشأة الكويت لانقصد الأرض00000ولكن نقصد به متى استقرت به مجموعة بشرية وأنشأت به كيان سياسي 0000ونقصد هنا العتوب المؤسسين الأوائل 0000" ،وبينما يرى الهاجري أن العتوب هم المؤسسين الأوائل يرى كل من القناعي والرشيد بوجود مسبق لجماعات بشرية على أرض الكويت سبقت آل الصباح ،والملاحظ في كل من كتاب القناعي والرشيد أنهما لايوردان لفظا لكلمة عتوب وهو ما اصطلح على تسميته لمن هاجر من آل الصباح وغيرهم كما فعل المؤرخون لاحقا. أما الجديد الذي أضافه القناعي هنا أنه أورد ذكرا لصيادي السمك، والمعروف أن الصياد مرتبط بالبحر ارتباطا بالمهنة وهذا يعني أن هناك مجتمع مستقر كان له على الأقل تنظيم يرعى عملية الصيد ويربط أصحاب المهنة ببعض. وفي حديثه عن نظام الحكم في الكويت يتفق القناعي مع الرشيد من أن نظام الحكم لم يكن له أهمية بادئ ذي بدء عند استقرار آل الصباح على أرض الكويت وإنما الحكم طرأ عليهم بعد توافد الأجنبي والغريب عليها وفي هذا يقول القناعي ص15:"لما كثر الساكنون في الكويت وخالطهم جمع من المهاجرين إليها رأوا من الضروري أن يؤمر عليهم أمير منهم يكون مرجعا لحل المشكلات والاختلافات فوقع اختيارهم على صباح لهذا الأمر"،أما الرشيد فيقول ص63:"لم يكن للحكم في الكويت أهمية أول تأسيسها 00000وقد بقيت الحال كذلك إلى أن امتزج بهم الأجنبي وخالطهم الغريب فأجمعوا أمرهم على صباح الأول"، ورأي القناعي هنا يخالف تقرير (لويس بيلي) والذي اعتمد عليه مجموعة من المؤرخين في وضع تاريخ محدد للنشأة-ميمونة الصباح- حيث أنه يربط نشأة الكويت باستقرار آل الصباح عليها وتوليهم الحكم مباشرة وهذا التقرير نصه:تتولى عائلة الشيخ الحالي –مبارك الصباح-الحكم منذ خمسة أجيال أي 250 سنة. كما أن رأي القناعي لا يتفق مع ما أورده الهاجري في كتابه حيث يرى أن حكم آل الصباح جاء مباشرة بعد استقرارهم إذ يقول ص33:"عقب استقرار العتوب في الكويت كان لابد من اتخاذ خطوة هامة تتعلق بتعيين حاكم يتولى شئون هذا الكيان الصغير"، والملاحظ هنا أن الهاجري استبدل كلمة اختيار بكلمة تعيين التي استخدمها القناعي والرشيد. ويضع القناعي تواريخ لتولي صباح الأول الحكم دون أدلة عليها وهي بين 1110هـ و1130هـ، والملاحظ هنا أن الرشيد اكتفى بوضع تاريخ لوفاة صباح وهو 1190هـ، في حين أن القناعي وتحت عنوان (الحوادث المهمة في زمن عبدالله الأول –ابن صباح- ) يؤرخ هجرة آل خليفة سنة1180 هـ، وهنا يظهر التضارب بين تاريخ القناعي والرشيد. والقناعي في تناوله لوقعة الرقة لايورد أسبابها الرئيسية التي ذكرها الرشيد من خطبة بني كعب لمريم بنت الشيخ عبدالله وهنا يظهر النقص في تاريخ القناعي وسطحية تناوله الأحوال خاصة السياسية. ولكن القناعي يورد ذكرا لبناء السور الأول في الكويت وتعاون الكويتيين في بنائه في حين يكتفي الرشيد بذكر بناء الثاني والثالث. وهنا اختزل القناعي مجمل الأوضاع السياسية الخطرة التي أحاقت بالكويت تحت بند(بناء السور الأول)وهي أوضاع كان لها أثر في مجرى تاريخ الكويت وهي غزو بن سعود الكويت وغزو بن عفيصان وكذلك بورجلين.وعن بداية تولي الشيخ جابر الأول الحكم لايذكر القناعي أي إشارة لوجود خلاف بينه وبين والده ويكتفي بالقول أنه كان في البحرين وقت وفاة والده وأنه رجع إلى الكويت ليتسلم سدة الحكم، في حين يذكر الرشيد هذا الخلاف. وهنا يضع القناعي القارئ أمام فجوات عديدة لايجد القارئ لها تفسيرا أو تبريرا.
يورد القناعي مقارنة بين الرشيد وكتابه(تاريخ الكويت) والأعظمي وكتابه(تاريخ البصرة) فيما يتعلق بمساعدة جابر للحكومة العثمانية في طرد بني كعب من البصرة ويرجح أخيرا رأي الأعظمي من أنه لاقتال دار بين الطرفين ويستبعد رأي الرشيد الذي يرى أن القتال قد وقع. وهنا يعتمد القناعي على تفسيره الخاص للأحداث والذي دفعه لاستبعاد رأي الرشيد حيث يقول أن الوقعة قريبة من عهدنا ولم نسمع أحدا من الشيبان تكلم عنها ولو كان القتال فعلا قد دار لكان لهذه الوقعة شأن كبير عند أهل الكويت فلايزالون يذكرونها. ولايتعرض القناعي للحوادث السياسية التي مرت في عهد الشيخ صباح بن جابر مثل وقعة ملح والطينة.
ولكن القناعي عندما يورد أبناء صباح يضعهم تحت عنوان(الحكم المشترك لأبناء الصباح)تمهيدا للتعقيدات التي ستحصل لاحقا ويوضح هنا دور جراح ويصفه بوزير المالية وهنا جاء النسق مرتبا بحيث يضع القارئ في الصورة لما سيحدث لاحقا وهذا ما غفل عنه الرشيد. وعن حديث القناعي عن مبارك الصباح وتوليه الحكم بعد قتل أخويه فإنه ينقلها من أحد أطراف عملية القتل وممن عاشوا هذه العملية وهو جابر بن مبارك وهنا فإن القناعي يكتفي بسرد الرواية كما نقلها ولايعلق عليها بينما الرشيد فإنه يذكر تفاصيلها كاملة رغم أنه لايرويها عن جابر،وتكمن أهمية رواية القناعي أنها أتت مباشرة من أحد أضلاع القضية ولكن الرشيد أراه وفق أكثر منه في سردها، وهناك فرق في الروايتين حيث أن القناعي لايورد مقاومة تذكر من قبل جراح وزوجته بينما يقول الرشيد أنهما من شدة المقاومة كادا يغلبان جابر لولا تدخل الخدم الذين سماهم القناعي (الفداوية). وعن السبب والدافع الحقيقي وراء القتل يورد القناعي السبب بكل بساطة في عبارة لفتت نظري وأعجبتني حيث يقول ص25:"اشتد الخلاف بين الأشقاء ولا أرى سببا لها سوى الدراهم"، وهنا رغم أن الكاتب يضع رأيه الشخصي إلا أنه يضع يده في ذات الوقت على سبب لعله يكون الدافع الفعلي للقتل، وهو أحد الأسباب التي رجحها الرشيد في كتابه ضمن مجموعة من الأسباب التي يبرر فيها قتل مبارك لأخويه حيث يقول ص236:"تضييقهما-محمد وجراح- المالي على مبارك ورفض حوائله بما يسد عوزه ويقضي حاجته حتى في مصاريفيه البيتية وحتى في غزواته التي يكون هو قائدها بنفسه"، وهنا يظهر جليا أن السبب الأول للقتل هو الخلاف المالي فلو كان مبارك غرضه الحكم لما استعجل الأمر لأنه يعلم أنه إن لم يحكم اليوم فسيحكم لاحقا وهذا استنادا على ماذكره الهاجري- نقلا عن الرشيد - في كتابه إذ يقول ص325-326:"وقام الشيخ مبارك بجمع وجهاء البلد بعد أن وارى القتيلين الثرى وقال لهم:قد قضي الأمر وماقضى لأمره فماذا ترون وعلى ما أنتم عازمون؟فاعلموا أن مبارك أخو القتيلين إن لم يحكم اليوم فسيحكم غدا"، كما يقول أبوحاكمة في كتابه(تاريخ الكويت الحديث)ص306:"وحين نتحدث عن التقتير في صرف المال لمبارك من لدن محمد وجراح وهو المال المطلوب لحفظ النظام بين عربان بادية الكويت كأنها تؤكد أن مبارك لم يكن بيده الكثير من شئون الحكم أوالمساهمة فيه". وهنا يتضح لنا أن مبارك كان يفتقد المال الذي يعني بالنسبة له القوة وبالتالي السلطة مما أدى به للحصول على مبتغاه بطريقته الخاصة.
وعن تناول القناعي لترجمة الشيخ مبارك نجده محايدا في طرحه فلا يسرف بالمدح أو الذم وإنما جانب الحقيقة والواقعية في طرحه على الرغم من الخلاف بينه وبين الشيخ مبارك والذي أدى إلى عزل القناعي من المدرسة المباركية إلا أنه يذكر الوقائع بكل حياد وكذلك وصف ازدهار وتطور الكويت الكبير في عهد مبارك.بينما نجد أن الرشيد قد تحيز قليلا لمبارك حيث وصفه بأسد الكويت وقال مبارك هو الكويت بأسرها وهو من رفعها على أترابها وهو مخالف لما ذكره القناعي من أن مبارك كان لايريد للعلم أن يأخذ موقعه في الكويت،كما أن الرشيد يورد في كتابه جملة من الأخلاق الحسنة لمبارك تحت عنوان الصفات المحمودة لمبارك. والقناعي يصف العشر سنوات الأولى من حكم مبارك بأنها التي كانت طيبة فقط ومابعدها فلا يراه القناعي كذلك ويقول  ص27:"وكان مبارك في العشر سنين الأول من حكمه جاريا على سيرة أسلافه من التواضع وعدم المظالم" ويذكر مواقفه حتى ضد أبناء أسرته في رد المظالم. والغريب هنا أن القناعي لايورد شخصية يوسف الإبراهيم كمحرك أساسي للخلاف بين الأخوة وبالتالي القتل بينما الرشيد يضعه ضمن الأسباب التي أفضت إلى القتل بل ويحمله مسئولية ماجرى بين الأخوة. ونجد أن الرشيد قد أسهب في ذكر الأوضاع السياسية في عهد الشيخ مبارك الصباح ووضع الكويت على خريطة الأحداث مع من جاورها من بن سعود وبن الرشيد وبريطانيا والدولة العثمانية وكل ماتعلق بسياسة الكويت الداخلية والخارجية مع هذه الأطراف بينما نرى القناعي قد اكتفى بذكر أمور شخصية لمست حياة مبارك الشخصية والأوضاع الاجتماعية منهيا الأوضاع السياسية في الكويت بانتهاء حكم مبارك ولم يتطرق بعد ذلك لأي حاكم جاء بعد مبارك وهذا يعد اخفاقا من القناعي الذي كان بإمكانه أن يحفظ أكبر قدر من التاريخ السياسي للكويت كونه عاصر تلك الأحداث.
وبعد ذلك فإن كل ماحوى الكتاب بعد مبارك جاء منصبا على وضع الكويت الاجتماعي وتسليط الضوء بشكل مبسط على الجانب الاقتصادي والحضاري وحتى عند تناول القناعي الجانب الاقتصادي فإنه يقحم الجانب الاجتماعي وعلى سبيل المثال في حديثه عن تجارة اللؤلؤ يصف القناعي وضع الغواص الاجتماعي من مأكل وملبس وغيره وكيف تطورت حياة الغواص بارتفاع سعر اللؤلؤ ولايذكر أسباب ارتفاعه.كما أنه في تناوله للصناعات يوردها بشكل مبسط ثم يذكر نظرة المجتمع آنذاك لأصحاب هذه الحرف. وعن قضية التعليم يشرح القناعي كيفية تطور التعليم في الكويت من الكتاتيب إلى المدارس بينما الرشيد يدخل مباشرة في تأسيس المدارس وهنا الفرق واضح في تناول كلا المؤلفين لمعظم المواضيع حيث نجد القناعي يختزل ويختصر بينما الرشيد يسهب ويفصل. وعن الخرافات المنتشرة في الكويت آنذاك يرجعها القناعي إلى جهل أهل الكويت وضحالة فكرهم بينما الرشيد يضع أشخاصا دخلاء على المجتمع أدخلوا هذه الخرافات على المجتمع. وعن الشعراء في الكويت نلاحظ أن القناعي يقول ص54:"قد تكلم الاستاذ ابن رشيد عن شعراء الكويت وأدبائها فلا حاجة لإعادة ذكرهم وإنما أراه ترك عددا من شعراء الكويت إليك البيان عنهم"، وهنا يعطي القناعي للقارئ تصورا بأن كتابه جاء مكملا للرشيد وأنه ما دام الرشيد ذكر ذلك فلا حاجة لإعادته وهذا ليس أسلوبا علميا للكتابة.
ويستمر القناعي في الحديث عن الجوانب المجتمعية لأهل الكويت فيتطرق إلى اللباس وتطوره وأنواعه وكذلك أهم التجار في ذلك الوقت وعلماء الدين والقضاة وهنا لايضيف القناعي شيئا جديدا على الرشيد وإنما يشرح الأحوال داخل المجتمع ويستند إلى العديد من الروايات والنوادر التي تدعم آراءه. ونلاحظه اهتم بالجانب الديني بشكل واضح فعادة مايتحول حديثه إلى مواعظ موجهة للمجتمع فيما يخص ابتعادهم عن الدين كما أنه يوجه كلامه للحكومات الإسلامية التي لم تعد تحكم الشرع في قضاياها وهو سبب تأخرها.ونلاحظ من كتابة القناعي أنه دائما مايقارن وضع الكويت والعرب بالأوروبيين ويصفها بالتطور الذي يتهم مجتمعه بافتقاده له.
ويورد القناعي عنوان وهو مناقب الكويتيين دون أن يستشهد بأي حوادث أو قصص تدعم هذه المناقب ولو أن غير الكويتي يقرأ ذلك لاعتبره تحيزا واضحا.
ورغم أن القناعي أورد موضوعا كاملا في مؤلفه حول وضع المرأة في المجتمع الكويتي آنذاك -وهي سابقة تحسب له حيث أهمل الرشيد هذا الجانب- إلا أن تصوير القناعي للمرأة على واقعيته قد يعطي صورة سيئة عن المجتمع الكويتي ونظرته للمرأة فنرى القناعي قد بالغ في وصفها بالنسبة للرجل وقال إنها سقط المتاع وهو كذلك قد بالغ في تخلف المرأة وجهلها وأميتها وكون القناعي مثقفا بالنسبة لعصره ومطلعا فإن هذا لايعطيه الحق بتصوير المجتمع على هذا النحو خاصة أن هذا الكتاب لأبناء المدارس كذلك فهو يستغرب ويستنكر هذه التصرفات من مجتمعه والذي هو جزء منه. وتطرق المؤلف إلى حديثه عن القناعات وهي الأسرة التي ينتمي لها وأسهب في حديثه عنهم وأورد وثيقة موقعة توضح أصول هذه العائلة العريقة وهنا بدا التحيز لهذه العائلة التي ينتمي لها ورغبته في التوضيح لمجتمعه عن هذه الأسرة ومكانتها العالية،ولكنني رغم ذلك فإني أرى أن هذه خطوة ذكية من المؤلف إذ ربط بين تاريخ بلده واسم عائلته وكذا فإنه قد حفظ ودون تاريخ عائلته وأصلها وهذا يظهر كيف أن المؤلف قد يقنع القارئ بآرائه ولكن بطريقة غير مباشرة.
وأخيرا فإن كتاب صفحات من تاريخ الكويت الذي كتبه القناعي يعتبر كتابا فصل الحياة الاجتماعية في الكويت تفصيلا دقيقا وسلط الضوء على قضايا من صلب المجتمع ولاعلاقة لها بالتاريخ، فكأن القناعي قد نقل الموروث الاجتماعي للكويت من كونه محسوسا يتناقله الأجيال إلى كونه مدونا على صفحات أسماها هو بنفسه صفحات من تاريخ الكويت وهي بعيدة عن التاريخ ويمكننا اعتبار كتابه كتابا اجتماعيا تعرض بشكل مبسط لبعض الأحوال السياسية وبشكل سطحي لايمكن الاعتماد عليه كليا في كتابة التاريخ، كما أنه اعتمد بشكل واضح على كتاب الرشيد الذي كان الجانب السياسي فيه أكبر وأوسع.
ولا أرى جديدا أضافه القناعي في مؤلفه عما كتبه الرشيد سوى تعرضه بشكل أوسع لمظاهر الحياة الاجتماعية آنذاك وقد وفق لها أكثر من الرشيد خاصة فيما يتعلق بالنظافة والمأكل والملبس وغيرها،كما القناعي ابتعد عن الاسهاب في تناوله للموضوعات على عكس الرشيد الذي استخدم الفاظا جزلة في تعبيراته كما أنه فصل في الحوادث والمواقع واستخدم أسلوب السرد. ولايوجد شيئ تاريخي جديد نخرج به من مؤلف القناعي لأنه مال كثيرا للجانب الاجتماعي وفيما يخص التاريخ فقد اعتمد كثيرا على كتاب الرشيد.إلا أنه استشهد ببعض الكتب التاريخية مثل تاريخ البصرة للأعظمي وتاريخ البحرين للنبهاني.

وهذا لايبخس القناعي قدره فكونه كتب تاريخ الكويت فهذا يحسب في رصيده ويضيف له. أرى هذا الكتاب مناسب لمن يريد البحث عن الأوضاع الاجتماعية في الكويت في فترة زمنية معينة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق